Сады цветов
حدائق الأزاهر في مستحسن الأجوبة والمضحكات والحكم والأمثال والحكايات والنوادر
والمجلس السبت إن يقض الجلوس لنا ... ننصفك منه، وإلا المجلس الأحد
فجلس يوم الأحد، فكانت أول من تقدم إليه، فقالت: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فقال: وعليك السلام، أين الخصم؟ قالت: واقف على رأسك، وأشارت إلى ابنه العباس، فقال: يا أحمد بن أبي خالد، أجلسه معها للخصومة، فجعل كلامها يعلو كلامه فقال لها أحمد: يا أمة الله، أنت بين يدي أمير المؤمنين وتكلمين الأمير، فاخفضي من صوتك، فقال المأمون: دعها يا أحمد؛ فالحق أنطقها، والباطل أخرسه، ثم قضى لها برد ضياعها، وأمر لها بنفقة، وكتاب إلى عامل بلدها؛ بحسن معاملتها.
وحكى الأصمعي قال: كان أعرابيان متآخيين بالبادية، ثم إن أحدهما استوطن الريف، واختلف إلى باب الحجاج، فولاه أصبهان، فسمع أخوه خبره، فسار إليه فأقام ببابه حينًا لا يصل إليه، ثم أذن له في الدخول، فأخذه الحاجب، فمشى به وهو يقول: سلم على الأمير، فلم يلتفت إليه، ثم أنشأ يقول:
فلست مسلمًا ما دمت حيًا ... على زيد بتسليم الأمير
فقال زيد: لا أبالي، فقال الأعرابي:
أتذكر إذ لحافك جلد شاة ... وإذ نعلاك من جلد البعير
قال: نعم، فقال الأعرابي:
فسبحان الذي أعطاك ملكًا ... وعلمك القعود على السرير
وقدم أعرابي البصرة، فنزل على ابن عم له، فلما رأى البصري شعث الأعرابي، فأراد أن ينظفه، فقال: أن الناس يتطهرون للجمعة، وينتظفون، ويلبسون أحسن الثياب، فتعال: أدخلك الحمام؛ لتتنظف، وتتطهر للصلاة، فدخل معه الحمام، فلما وطئ الأعرابي فرش أول بيت في الحمام، ولم يحسن المشي عليه لشدة ملامسته فزلق وسقط على وجهه، فشج شجة منكرة، فخرج وهو ينشد:
وقالوا: تطهر؛ إنه يوم جمعة ... فأبت من الحمام غير مطهر
تزودت منه شجة فوق حاجبي ... بغير جهاد، بئس ما كان متجري
وما تعرف الأعراب مشيًا بأرضها ... فكيف ببيت ذي رخام ومرمر
وقال محمد بن سكرة: دخلت حمامًا، فخرجت وقد سرقت نعلي، فعدت إلى داري حافيًا وأنا أقول:
إليك أزف حمام ابن موسى ... وإن فاق المنى طيبًا وحرًا
تكاثرت اللصوص عليه، حتى ... ليحفى من يطيب به ويعرى
ولم أفقد به ثوبًا، ولكن ... دخلت "محمدًا" وخرجت "بشرا"
يريد: بشر الحافي، وكان من كباد الزهاد، لزم المشي حافيًا، فلقب: الحافي.
وقال بشار لراويته: أنشدني ما قال حماد في، فقال:
دعيت إلى برد، وأنت لغيره ... وهبك ابن برد
نكت أمك
من برد؟
فقال بشار: أها هنا أحد؟ قال: لا، قال: أحسن، والله، ابن الزانية، ولقد تبين له علي في بيت واحد خمسة معان في الهجو وهي: دعيت إلى برد معي، وأنت لغيره. ثان، وهبك ابن برد معنى ثالث، ونكت أمك، شتم واستخفاف مجرد وهو معنى رابع، ثم ختمها بقوله: من برد؟ فأتى بالطامة الكبرى.
وكان الحطيئة قبيح المنظر، كثير الشر، فالتمس يومًا إنسانًا يهجوه، فلم يجده، فوقف على ماء، وجعل يقول:
أبت شفتاي اليوم إلا تكلما ... بشر ولا أدري لمن أنا قائله
ثم نظر إلى الماء، فرأى وجهه، فقال:
أرى لي وجهًا قبح الله خلقه ... فقبح من وجه، وقبح حامله
وقال أبو القاسم بن الأزرق: دخلت على الشافعي ﵀ فقلت: يا أبا عبد الله، ما تنصفنا، لك هذا الفقه تفوز بفوائده. ولنا هذا الشعر، وقد جئت تداخلنا فيه، فإما أفردتنا بالشعر، أو أشركتنا في الفقه، وقد جئت بأبيات إن أجزتنا بمثلها تبت من الشعر، وإن أعجزت عنها تبت، فقال لي: إيه يا هذا، فأنشدته:
ما همتي إلا مقارعة العدا ... خلق الزمان، وهمتي لم تخلق
والناس أعينهم إلى سلب الفتى ... لا يسألون عن الحجى والأولق
لكن من رزق الحجى حرم الغنى ... ضدان مفترقان، أي تفرق
لو كان بالحيل الغنى، لوجدتني ... بنجوم أقطار السماء تعلقي
فقال الشافعي: ألا قلت، كما أقول، ارتجالًا:
إن الذي رزق اليسار، فلم يصب ... حمدًا ولا أجرًا، لغير موفق
فالجد يدني كل شيء شاسع ... والجد يفتح كل باب مغلق
فإذا سمعت بأن مجدودًا حوى ... عودًا، فأثمر في يديه، فحقق
وإذا سمعت بأن محرومًا أتى ... ماء ليشربه، ففاض، فصدق
1 / 105