Хабермас: Очень короткое введение
يورجن هابرماس: مقدمة قصيرة جدا
Жанры
لا يحاول هابرماس أن ينكر ذلك. ويجيب بأن هذا التعارض راسخ في مفهوم القانون نفسه، وأن القانون هو الوسيلة التي تساعد في المجتمعات الحداثية على تخفيف عبء الاندماج الاجتماعي الواقع على التواصل والخطاب الأخلاقي. لنتذكر أنه بحسب رواية هابرماس، فإن الوظيفة الاجتماعية للخلقية هي تسوية تضاربات المصالح، وتنسيق الأفعال، وإقامة النظام الاجتماعي. تدعم السياسة الخلقية وترسخها؛ إذ تضعها في شكل القانون. وهذا لا يعني أن القانون والخلقية لا يمكن أن ينفصلا. فمن الممكن أن ينفصلا فعلا، على سبيل المثال في حالات العصيان المدني والاستنكاف الضميري. لكن هذه حالات هامشية. بصفة عامة، تعمل المعايير القانونية والمعايير الأخلاقية جنبا إلى جنب من أجل تسوية النزاعات، وتنسيق الأفعال، وإقامة نظام اجتماعي على أساس المعايير الصحيحة. ولكنها تحقق ذلك بطرق مختلفة. (2-1) البنية المزدوجة للقانون
لنفترض أنه ذات ليلة أردت أن تركب دراجتك وتذهب إلى حفل ما في الجانب الآخر من المدينة، لكنك اكتشفت أن مصباح الدراجة تالف. وهناك قانون يحظر ركوب الدراجات في الظلام دون مصابيح، وثمة سبب لسن هذا القانون: فركوب الدراجات دون مصابيح يعرض حياة الراكب وغيره من المشاة في الطرقات للخطر. وهو أيضا مخالفة يعاقب عليها القانون؛ إذا ضبطتك الشرطة على دراجتك بدون إضاءة المصابيح، فإنها مخولة باعتقالك وتغريمك. مثل هذه المعايير القانونية لا تتطلب سوى الامتثال. إنها تقتضي أن تطاع، لكنها لا تقتضي أن تطاع للسبب الوجيه. ومن هذا المنطلق فهي تخالف المعايير الأخلاقية التي تقتضي أن تطاع للأسباب الوجيهة. فالخوف من الاعتقال أو العقاب ليس سببا أخلاقيا وجيها للتصرف؛ ولذا، فمن الممكن للفاعل الملتزم بالقانون إما أن يذهب للحفل سيرا على الأقدام؛ لأنه يدرك أن ركوب دراجته دون إضاءة المصابيح يعرض حياته وحياة الآخرين في الطرقات للخطر، أو لأن الأمر لا يستحق المخاطرة بالاعتقال أو التعرض للعقاب. إن دوافعه عمليا غير ذات صلة بالمسألة ما دام، بطاعته للقانون، يتصرف استنادا لدواعي السلامة المرورية التي تنطبق عليه على أية حال. تعمل المعايير الأخلاقية والقانونية جنبا إلى جنب.
يزعم هابرماس أن القوانين التي تسنها المؤسسات القانونية المنفتحة على مدخلات المجتمع المدني ستميل إلى العقلانية. وأفراد المجتمع القانوني سيمتثلون عموما لمثل هذه القوانين؛ لأنهم سيستطيعون أن يدركوا مغزاها، فالقوانين تقتضي أن يفعلوا ما لديهم أسباب مستقلة لأن يفعلوه. ولكن أحيانا، لن يكفي مغزى القوانين للحث على السلوك القانوني. وفي هذه الحالات، قد يفي الخوف من الاعتقال أو التعرض للعقاب بالغرض.
يقول هابرماس إن المعيار القانوني أو القانون له جانب معياري وآخر وقائعي: فهو من ناحية شرعي، ومن ناحية أخرى واقعي. ومن ثم جاء العنوان «بين الحقائق والمعايير» الذي إذا ترجم حرفيا كان «الوقائعية والصحة». لا يكون القانون «شرعيا» إلا عندما يكون له مغزى، أو عند وجود أسباب مستحسنة للامتثال له (بخلاف كونه القانون المعمول به، وأن عصيانه مخالفة تقتضي العقاب). وتتضح حقيقة أن شرعية القانون ضرورة لكنها ليست شرطا وافيا لصحته عندما نبحث سمتين أخريين للقوانين الصحيحة. القانون «واقعي» عندما تضعه أو تفرضه هيئة معترف بها. وللقوانين سمة ثالثة أيضا؛ فهي يجب أن تكون قابلة لأن تفرض على الآخرين. ولا يصح المعيار القانوني إلا عند توافر هذه المكونات جميعا. يجب أن يكون للقانون جانب جدير بالتقدير، وأن تصدره هيئة معترف بها، وأن يكون قابلا لأن يفرض على الآخرين؛ ولذا، فإن صحة القانون تفرض مسبقا سلطة سياسية. وتفترض مسبقا أيضا، من بين أشياء أخرى، وجود سلطة قضائية ودولة تحتكر القوة الشرعية والقدرة على إنفاذ القوانين بواسطة التنظيم الشرطي للعمل بها ومعاقبة مخالفيها. (2-2) شرعية القانون
رغم أن هابرماس يقر بواقعية القانون وقابلية فرضه بالقوة، فهو دوما يشدد على شرعيته. فالقوانين الشرعية، أي القوانين ذات المغزى، تحث المواطنين على أن يمتثلوا امتثالا عقلانيا طوعيا. لاحظ أن الامتثال العقلاني يختلف عن الولاء العاطفي، مع أن كليهما يمكن أن يتبناه المرء بإرادته. فالولاء العاطفي قد يكون نتيجة دوافع لا عقلانية ولا تداولية؛ كالقيم والاحتياجات والعواطف المحددة المرتبطة بالانتماء إلى جماعة ثقافية بعينها. أما الامتثال العقلاني فهو يترتب على «القوة المحفزة» للأسباب الوجيهة العامة (على حد قول هابرماس، الأسباب العامة بطبيعتها) التي تسري مستقلة عن المؤسسات القانونية والقضائية والعقابية. ينشأ النظام الاجتماعي بسلاسة دون تفعيل التهديد بالعقاب على أرض الواقع. وهذا أمر ضروري ما دام أنه لا يمكن في المجتمعات الكبرى الحداثية الإجبار على جميع السلوكيات القانونية، أو الحث على الالتزام بها بالتهديد بالعقوبات. يجب أن ينبع السلوك القانوني إلى حد بعيد إراديا استجابة إلى الشرعية الملموسة للقانون.
يصوغ هابرماس فكرة الشرعية هذه في مبدأ الديمقراطية. يقال إن المبدأ الديمقراطي شرط من شروط مبدأ الخطاب. ويحدد مبدأ الخطاب شرطا ضروريا لصحة معايير الفعل، وينطبق على كل من المعايير القانونية والأخلاقية. ينص المبدأ الديمقراطي على ما يلي:
القوانين التي تعتبر شرعية هي تلك التي يتوافق عليها جميع أعضاء المجتمع القانوني في عملية تشريع تداولية مشكلة بدورها قانونيا. «بين الحقائق والمعايير»
وهذا شكل آخر من أشكال فكرة هابرماس الأساسية القائلة إنه إذا أمكن تبرير شيء ما، فلا بد أن يستطيع الجميع الموافقة عليه في خطاب متواصل بشكل سليم. وفقا لهابرماس، ينشأ المبدأ الديمقراطي من «التداخل» بين مبدأ الخطاب والشكل القانوني. وتفاصيل عملية «التداخل» هذه معقدة جدا بما يحول دون الخوض فيها هنا، لكن المحصلة من المفترض أن تتمثل في أن الميثاق القانوني ومبدأ الديمقراطية يخلق كل منهما الآخر.
والأهم أن الشكل القانوني يثري مبدأ الخطاب عن طريق استحداث أوجه اختلاف من حيث النطاق والتبرير. فالمبدأ الديمقراطي ينص على أن القوانين الشرعية يجب أن تكون قابلة لقبول جميع أفراد المجتمع القانوني، لا لقبول كل من يتأثر بالمعيار، كما في مبدأ الخطاب. ويتألف المجتمع القانوني من أي شخص قادر على إتيان السلوك القانوني، ويحكم أفعاله للقانون موضع النقاش. وبحسب مبدأ الخطاب، فإن القابلية للإجماع علامة على صحة المعيار. وعلامة شرعية أي قانون بحسب المبدأ الديمقراطي أكثر تعقيدا بكثير. يجب أن تكون القوانين الشرعية قادرة على كسب موافقة جميع أعضاء المجتمع القانوني. وهذه الموافقة يجب أن تكون نتاج عملية تشريع مشكلة تشكيلا قانونيا. وبتعبير آخر، لا يكون المعيار شرعيا إلا إذا استطاع جميع أفراد المجتمع القانوني الموافقة عليه، وبإمكانهم الموافقة عليه؛ لأنه صدر عن هيئة صانعة للقرار تعتمد المداولة والخطاب، ومنفتحة على مدخلات المجتمع المدني، وتمتثل لمنظومة الحقوق الموضوعة قانونا. لاحظ أن المبدأ الديمقراطي يوحي بأن القوانين الشرعية يجب أن تحظى بموافقة جميع أعضاء المجتمع القانوني؛ لا أنه يتعين عليهم التماسها عمليا، بل يجب على الجميع فعليا أن يوافقوا على كل قانون. في إنجلترا، سيصدر قريبا قانون يحظر صيد الثعالب، بغض النظر عن وجهات نظر صائدي الثعالب الساخطين. وتمت الموافقة على القانون بطريقة سليمة بمعرفة هيئة صنع قرار معترف بها كانت منفتحة على مدخلات المجتمع المدني، وبحثت احتجاجات صائدي الثعالب. ومن ثم، فهو قانون شرعي. وعند إنفاذ القانون، لن تكون حقيقة أن صائدي الثعالب لا يوافقون عليه ويعارضون الأسباب الداعية لوجوده ذات أهمية. وعلى فرض أنه يمكن، إضافة إلى ذلك، إنفاذه ومراقبته شرطيا بشكل مناسب، فسيكون القانون صحيحا. وتستند نظرية هابرماس للقانون، شأنها شأن نظريته عن الخلقية، بقدر كبير على تمييزه بين ما هو قابل للموافقة في الأساس وما يلتمس هذه الموافقة عمليا. (2-3) الحداثة والقانون والخلقية
رغم أن مكون الشرعية لأي قانون - أي مغزاه - هو مزيج من الاعتبارات الخلقية والأخلاقية والبراجماتية، فإن الخلقية هي المكون الرئيس. يقول هابرماس إن القانون الشرعي «يرتبط بعلاقة ما بالخلقية الراسخة بداخله» (بين الحقائق والمعايير). لكن من الصعب الجزم بماهية هذه العلاقة. بصفة عامة، كلمة «قانون» في الإنجليزية تستخدم كترجمة لمرادفها الألماني
Неизвестная страница