Хабермас: Очень короткое введение
يورجن هابرماس: مقدمة قصيرة جدا
Жанры
هذا المفهوم ثنائي المسار للنطاقين الرسمي وغير الرسمي يعطينا إطارا أساسيا لمفهوم هابرماس عن السياسة. في المجتمع المدني، يشارك أعضاء المجتمع السياسي في الخطاب، ويصلون إلى تفاهم، ويقدمون تنازلات، ويصوغون آراء حول شئون خاصة وعامة. ويطلق هابرماس على تلك العملية عملية تشكل رأي الفرد وإرادته. وفي المقابل، في النطاق السياسي الرسمي يقوم الممثلون المحددون لأعضاء المجتمع السياسي باتخاذ القرارات والموافقة على القوانين وصياغة السياسات وتنفيذها.
استنادا للصورة التي يرسمها هابرماس، يؤدي النظام السياسي وظيفته جيدا عندما تستوعب مؤسسات صنع القرار مداخلات المجتمع المدني، وعندما يكون لديه القنوات السليمة التي يمكن للمداخلات الواردة من أدنى (المجتمع المدني والرأي العام) التأثير في مخرجاته (السياسات والقوانين). عمليا، تحقق الدول الديمقراطية هذا التوازن أفضل من الأنظمة اللاديمقراطية. وتميل المؤسسات الديمقراطية السليمة إلى وضع سياسات وسن قوانين متسقة مع الرأي العام المشكل تداوليا؛ ومن ثم فإنها عقلانية ومبررة. وهذا أمر منشود بحد ذاته، ومنشود من الناحية الوظيفية أيضا ما دام أن الحداثيين سينزعون إلى الالتزام بالسياسات والقوانين التي يقبلون بأساسها المنطقي. من المرجح أن يكون المجتمع العقلاني مستقرا؛ ولذا، فهناك مسوغات أخلاقية وأداتية وجيهة تعلل تفضيل الحداثيين العيش تحت مظلة مؤسسات ديمقراطية.
يجب أن نتحرى الحيطة الشديدة عندما نتناول قدرة الأنظمة الديمقراطية على الوصول إلى قرارات مبررة . في النطاق السياسي، نجد أن فكرة ما هو مبرر أكثر شمولا منها في النطاقات الفردية للخطاب النظري والخلقي والأخلاقي. تشكل التبريرات السياسية مجموعة متنوعة من الاعتبارات، إضافة إلى المعايير المعرفية والأخلاقية (أبعاد صحة الحقيقة والصواب) التي تحكم الخطاب النظري والأخلاقي على الترتيب. على سبيل المثال، يتم تفعيل الاعتبارات الأخلاقية والبراجماتية إلى جانب العوامل الخاصة بالإدراك السليم، كتلك التي يمكن تحقيقها بفعل إجراءات الوصول إلى الحلول الوسط والتفاوض. إن الخطاب السياسي أشبه بورشة العمل التي يمكن فيها، فور تجربة إجراءات الخطاب الخلقي والخطاب الأخلاقي الأكثر تطلبا وثبوت فشلها، إجراء مجموعة كاملة من التجارب الأخرى للوصول إلى حلول عقلانية وتوافقية بشكل عام. (1-2) حقوق الإنسان وسيادة الشعب
يمزج هابرماس كعادته بين مفهومين سياسيين عادة ما يعاملان على اعتبار أنهما بديلان: الديمقراطية الليبرالية والجمهورية المدنية. ويقول هابرماس إن كل مفهوم يتمحور حول فكرة وحيدة؛ الديمقراطية الليبرالية تقوم على فكرة حقوق الإنسان، والجمهورية المدنية على فكرة سيادة الشعب. (والواقع أن المفهومين ملازمان لبعض جوانب الليبرالية والديمقراطية. في الأول، نجد أن الليبرالية لها اليد العليا على الديمقراطية، وفي الثاني نرى الليبرالية تخضع للديمقراطية.) ويذكر هابرماس أن كل مفهوم يفضل تفسيرا معينا للاستقلال؛ تفضل الديمقراطية الليبرالية الاستقلال الفردي أو الخاص (أي تقرير الفرد مصيره)، في حين تفضل الجمهورية المدنية الاستقلال الجمعي أو العام أو السياسي (أي تحقيق المجتمع السياسي ذاته).
يقول هابرماس إن حقوق الإنسان تحمي الاستقلال الخاص للفرد. واستنادا لوجهة النظر الليبرالية الديمقراطية، فإن للأفراد مصالح ما قبل سياسية، ومجموعة من الحقوق التي تحمي حريتهم للسعي وراء تلك المصالح، بما يتوافق مع الحرية المماثلة للآخرين جميعا في السعي وراء مصالحهم. ينظر للحرية هنا باعتبارها فرصة. وتكمن قيمة حريتي في الفرص التي تكفلها لي، والتي يمكنني استغلالها أو تفويتها كيفما أشاء، لا في أي ممارسة فعلية لهذه الحرية. وعادة ما تلازم وجهة النظر هذه فكرة دولة الحد الأدنى التي تترك لكل فرد حرية عيش حياته على النحو الذي يناسبه، ولا تتدخل إلا لحل النزاعات الناشئة حال طغيان حرية أحدهم على حرية الآخر؛ ولذا، لا ينظر للمواطنة أو المشاركة في المجتمع السياسي باعتبارها ذات قيمة بحد ذاتها، لكنها ذات قيمة من الناحية الأداتية فقط باعتبارها وسيلة لتأمين هذه الحقوق والفرص.
ولتحقيق ذلك بإنصاف، يجب على الدولة أن تظل محايدة فيما يتعلق بقيم ومفاهيم الخير التي يسعى إليها مواطنوها. ورغم ذلك، فإن فكرة حقوق الإنسان فكرة أخلاقية متحيزة لا محالة ضد أية قيمة أو رؤية عالمية لا تتسق مع الحقوق والحريات الأساسية للجميع. ولهذا السبب، يطعن كثير من النقاد المجتمعيين والجمهوريين الذين ينتقدون الديمقراطية الليبرالية، في حيادها المزعوم. وينكر أغلب الليبراليين من ناحيتهم أن الدولة يجب أو حتى يمكن أن تظل محايدة فيما يتعلق بنتائج أو تبعات سياساتها وقوانينها؛ ويزعمون أنها ينبغي أن تظل محايدة فيما يختص بتبرير سياساتها وقوانينها كي تنأى بنفسها عن أي جدل لا داعي له؛ ولذا، فرغم أن جميع القوانين أو السياسات ربما لن تفيد الجميع بالطريقة نفسها وبالقدر نفسه، فإنه لا يجوز تبرير أي قانون على أساس قيم خلافية.
سيادة الشعب هي الفكرة القائلة إن السلطة السياسية للدولة تكمن في نهاية المطاف في إرادة الشعب. وتفترض الفكرة أن السياسة في الأصل مسألة تتعلق بتحقيق الاستقلال الشعبي جمعيا، لا تأمين الاستقلال الخاص بالأفراد؛ إن حرية «الشعب الممثل فينا» هي ما يهم، لا حرية كل فرد على حدة. وعادة ما نتخيل الاستقلال العام استنادا إلى نموذج مجلس الشعب؛ مما ساعد على استحداث وجهة النظر القائلة إن المواطنين أحرار بقدر ما يشرعون لأنفسهم من قوانين. وبشكل أكثر عمومية، يمكن فهم السيادة العامة باعتبارها فكرة أن أعضاء المجتمع السياسي أحرار إلى الحد الذي يستطيعون في إطاره اعتبار القوانين الحاكمة لهم تعبيرا عن قيمهم الخاصة.
على النقيض من المفهوم الليبرالي للاستقلال الخاص، فإن الفكرة الجمهورية المدنية عن الاستقلال العام ليست مفهوما لفرصة، بل مفهوم لممارسة. على سبيل المثال، فالقيمة الحقيقية لحرية التعبير لا تكمن في الفرص التي تكفلها للأفراد بل في تطبيقها الجمعي. فعندما يمارس عدد كاف من الناس حريتهم في التعبير، ينشأ الإعلام الحر/الصحافة الحرة، وبشكل أكثر عمومية تتطور ثقافة مشتركة تعود بالفائدة والنفع على جميع المواطنين. إن العضوية في المجتمع السياسي عظيمة القيمة في حد ذاتها؛ ولذا، فإن الدولة أبعد ما تكون عن الحياد؛ إنها تجسد وتوصي بدأب بمجموعة من القيم والمثل لمواطنيها. وأخيرا، استنادا إلى هذا الرأي، فإن أي حقوق فردية يتمتع بها المواطنون تستقى من قيم المجتمع السياسي ومثله، وتعول في الوقت نفسه عليها.
يوفر مفهوم هابرماس ثنائي المسار عن السياسة إطارا يمزج بين الفكرتين؛ فيعدل كل واحدة منهما وينقحها بحيث تتكيف مع وقائع المجتمع الحداثي. ويثبت هذا المفهوم أن حقوق الإنسان وسيادة الشعب متزامنان ومتبادلان، أي إنه لا يسبق أي منهما الآخر، وكل منهما يعتمد على الآخر. وفي الوقت نفسه، يربط هذا المفهوم بين مفهومي الاستقلال الخاص والعام ويعطي كلا منهما ثقلا مكافئا. فالسياسة بحسب هابرماس هي التعبير عن «الحرية التي تنبع في آن واحد من ذاتية الفرد وسيادة الشعب» (بين الحقائق والمعايير). يستبقي هابرماس فكرة حقوق الإنسان، ويؤيد وجهة النظر الليبرالية أن الدولة ينبغي أن تستوعب الثقافات والرؤى العالمية المختلفة وتتحملها. لكنه ينكر ثلاث فرضيات ليبرالية أساسية: (1)
أن الحقوق تنتمي إلى الأفراد ما قبل المفهوم السياسي. (2)
Неизвестная страница