مثال آخر:
وقريب من هذا التصحيف الذي وقع لهذا الزعفراني؛ ما وقع لبعض الأفاضل المعاصرين، في: حديث: " إذا زوقتم مساجدكم، وحليتم مصاحفكم، فالدمار (١) عليكم ".
فقد عزاه لأبي أبي شيبة في " المصنف " (١ ١٠٠ / ٢ - مخطوطة الظاهرية)، هكذا " أبو خالد الأحمر، عن محمد بن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد - مرفوعًا ".
ثم قال:
" وهذا إسناد مرسل حسن ".
ثم جاء له بشاهد موقوف على أبي الدرداء، وقواه به.
قلت: وما نقله عن " المصنف " خطأ، وإنما الذي فيه هكذا (٨٧٩٩): " حدثنا أبو خالد الأحمر، عن محمد بن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد عن أُبي، قال.. " - فذكره موقوفًا.
فالحديث في " المصنف " - كما ترى - ليس من رواية سعيد بن أبي سعيد، عن النبي ﷺ - مرفوعًا
مرسلًا ـ، كما توهم ذلك الفاضل؛ وإنما هو من رواية سعيد بن أبي سعيد، عن أبي - وهو: أُبي بن كعب الصحابي المعروف ـ، موقوفًا عليه.
فكأن " عن أبي " تصحفت على ذلك الفاضل، فظنها " عن النبي " فاختصرها، وقال " مرفوعًا " بناء على ما ظن.
وبهذا يتبين أن الحديث في " المصنف " موقوف على " أُبي "، وعليه؛ فلا معنى لتقوية رفعه بالشاهد الموقوف على أبي الدرداء.
ومما يؤكد صحة ما قلت:
أن أبا داود رواه في " المصاحف " (ص ١٥٠) من طريقين، عن أبي خالد، عن ابن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أُبي بن كعب
(١) ذكر ابن الأثير في "النهاية " بلفظ: " الدبار " بالباء الموحدة، وقال " هو: الهلاك ".