الخلق الحسن في ضوء الكتاب والسنة
الخلق الحسن في ضوء الكتاب والسنة
Издатель
مطبعة سفير
Место издания
الرياض
Жанры
ومع هذا كله حلم عنه عمر وعفا عنه، وصفح بعدما سمع الآية، وسمع قول الحر: إن هذا من الجاهلين، ووقف عند الآية: ولم يعمل بغير ما دلت عليه، بل عمل بمقتضاها، ﵁ وأرضاه (١)، وهذا يدل على كمال حلمه وحكمته التي استفادها من هدي رسول اللَّه ﷺ فرسخت في ذهنه حتى كانت هيئة راسخة ثابتة في نفسه وخُلُقه.
وهذا يحتاج في بداية الأمر إلى جهاد وقوة؛ ولهذا قال النبي ﷺ: «ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب» (٢).
ولاشك أن الغضب يهدم الحلم وينافيه، وصاحب الغضب لا يكون حليمًا، ولهذا قال ﷺ لمن قال أوصني: «لا تغضب» (٣).
والداعية إلى اللَّه يستطيع أن يتّصف بالحلم؛ ليكون حكيمًا، وذلك بعلاج الغضب (٤)، إذا حلّ به ونزل، ولا يكون العلاج النافع إلا بما شرعه اللَّه، وبينه نبيه ﷺ، فقد عمل على تربية المسلمين تربية قولية وفعلية وعملية حتى يكونوا حلماء، حكماء.
(١) انظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ١٣/ ٢٥٩، ٨/ ٣٠٥، ١٣/ ٢٥٠. (٢) البخاري، كتاب الأدب، باب الحذر من الغضب، برقم ٦١١٤، ومسلم، كتاب البر والصلة، باب فضل من يملك نفسه عند الغضب وبأي شيء يذهب الغضب، برقم ٢٦٠٩. (٣) البخاري، كتاب الأدب، باب الحذر من الغضب، برقم ٦١١٦، والحديث فيه: فردد مرارًا، قال: «لا تغضب». (٤) انظر: المبحث الرابع: طرق تحصيل الحلم، المطلب الأول: علاج الغضب من هذا الكتاب.
1 / 119