دخل بعض الظرفاء على يحيى بن خالد بن برمك وهو في السجن يريد زيارته فقال له ما تشتهي فقال أن أرى إنسانًا فأخذ الرجل المرآة وأراه وجهه فيها فشكر له ذلك ثم أنشده
ما أكثر الناس بل ما أقلهم ... الله يعلم أنني لم أقل فندا
إني لأفتح عيني حين أفتحها ... على كثير ولكن لم أرى أحدا
وقيل لسعيد بن المسيب وكان في عينيه ماء ألا تقدح عينيك فقال حتى أنظر بهما إلى من ومثل ذلك ما قاله أبو العيناء معتذرًا عن عماه
قالوا العمي منظر قبيح ... قلت بفقدي لكم يهون
والله ما في الأنام حر ... تأسى على فقده العيون
وسأل رجل من رجل حمارًا عارية فأخرج له اكافًا وقال له اجعله على من شئت ومر رجل بصديق له فرآه واقفًا على الطريق فقال له ما وقوفك ههنا فقال وقيل لأبي العيناء هل بقى من يلقى قال نعم في البئر ومر ببعض السكك فحبسه إنسان يريد العبث به فقال له أبو العيناء من أنت قال ابن آدم فأقبل يسلم عليه سلام مستوحش وقال عجب والله ما ظننت إلا أن هذا النسل قد انقطع يشير إلى ضياعه من أهل زمانه وقال الشاعر
المادحون اليوم أهل زماننا ... أولى من الهاجين بالحرمان
ذهب الذين يهزهم مداحهم ... هز الكماة عوالي المرّان
كانوا إذا مدحوا رأوا ما فيهم ... فالأريحية منهم بمكان
وقال بشار بن برد لقد عشت في زمان وأدركت أقوامًا لو اختلقت الدنيا ما تجملت إلا بهم وأنا الآن في زمان ما أرى فيه عاقلًا حصيفًا ولا فاتكًا ظريفًا