وانصرف عنهما وترك الأب سعيدا والأم تتلو
قل أعوذ برب الفلق ...
8
كان عبد الغني وعبد الودود يمشيان على نيل رأس البر بغير هدف ولا غاية، وعن لعبد الغني أن يجلسا إلى مقهى يرقبان منها الغادين والرائحين، أو إن شئت الدقة الغاديات والرائحات. وما كادا يجلسان وقبل أن يرشفا الرشفة الأولى من زجاجة المياه الغازية، حتى علا باسم كل منهما صراخ فرحان، التفتا إليه فإذا هما إزاء زميلتيهما في الدراسة رندة الدجوي وبجانبها فتاة تشبهها كل الشبه، فاستنتج الأخوان في لمحة خاطفة أنها أختها. - عبد الغني صابر وعبد الودود، ماذا تصنعان هنا؟ - من نفسنا، أليس لنا حق الفسحة مثلك؟ اقعدي. - وما البأس؟ تعالي يا ناهد أعرفك بالأخوين المتلازمين.
وصاح عبد الودود في رنة إعجاب تخافت معها صوت عبد الغني: أهلا ومرحبا ناهد هانم.
وفي تهريجها ما تزال صاحت رندة: هانم مرة واحدة! قل «مدموزيل» يكون الكلام معقولا، حضرته يا ستي عبد الودود صابر الأخ الأصغر، قدمته عن أخيه الأكبر لأجل خاطر لقب هانم الذي أنعم به عليك، وحضرته أخوه الأكبر عبد الغني، كل منهما ظل الآخر، لا ترين الواحد منهما إلا ملاصقا للآخر.
وضحك عبد الغني وهو يقول: وأنت ماذا يغضبك في هذا؟ - متى جئتم إلى رأس البر؟ - من يومين فقط. - نحن جئنا بالأمس، وهذا أول يوم لنا نتمشى على النيل، هل وجدت هنا أحدا من الإخوان؟ - أنا مشيت هنا بالأمس فقط، وكانت عيني تائهة لم أستطع أن أتبين الوجوه. - أنت وعبد الودود أول اثنين أعرفهما على النيل، ماذا تنويان أن تفعلا الليلة؟ - هل عندك أنت فكرة؟ - هناك مركب ذاهبة إلى الجربي وفيها بعض شبان، وأنا وناهد نريد أن نذهب ولكننا لا نستطيع أن نذهب وحدنا بلا رجل نعرفه. - ها قد وجدت رجلين. - هل أنت متأكد؟ - عمى في عينك، وهل ستجدين رجالا أحسن مني أو من أخي؟ - والسلام، الموجود يسد.
ويضحك عبد الودود في مرح شديد، ويقول له عبد الغني: علام تضحك يا أهبل؟ هل تعجبك قلة أدبها؟
ويلتفت عبد الودود إلى ناهد ويسألها: أنت يا مدموزيل ناهد، ما رأيك؟ هل نصلح أنا وأخي لمهمة الصحبة هذه؟
وتضحك ناهد في جاذبية: رندة زميلتكم وهي التي تعرف. - إذن فأنت موافقة على رأيها؟ •••
Неизвестная страница