"وثابت أبى القيادة، لا نُكُوصًا١ عن الموت، بل شعورًا بوجود الأكفأ منه في الجماعة، وحملانه الراية خشية أن تسقط من آيات الجرأة في هذا الموقف العصيب"٢.
"ولقد كان خالد عند ظن أصحابه، لمعت عبقريته القتالية في لحظة الامتحان الخطير هذه، فجعل هدفه أن ينسحب بالمسلمين"٣.
فقد "كانت المهمَّة الأساس المنوطة بخالد في تلك الساعة العصيبة من القتال أن ينقذ المسلمين من الهلاك الجماعي، فبعد أن قدَّر الموقف واحتمالاته المختلفة قدرًا دقيقًا، ودرس ظروف المعركة درسًا وافيًا، وتوقع نتائجها، اقتنع بأنَّ الانسحاب بأقل خسارة ممكنة هو الحل الأفضل"٤.
ولأنَّ "قتال الانسحاب شاق مرهق، وبخصاصة وأنَّ خالد لا يريد إشعار الروم بهذه الخطة"٥، "لاحتمال انقلاب الانسحاب إلى هزيمة، والهزيمة كارثة تؤدي إلى خسائر فادحة بالمنهزمين"٦.
من أجل ذلك رأى القائد الذكي المحنَّك، أنه حتى يؤَمِّن انسحابه من ميدان المعركة بقوَّةٍ وانتظام، وبأقل خسائر، لا بدَّ أن يستخدم
١ نَكَصَ عن الأمر نُكُوصًا، ونَكْصًا ومنكصا: تكأكأ عنه وأحجم.
٢ الغزالي: فقه السيرة ٣٦٨.
٣ خليل: دراسة في السيرة ٢٩٨.
٤ ياسين سويد: معارك خالد بن الوليد ١٧١.
٥ الغزالي: فقه السيرة ٣٦٩.
٦ خطَّاب: الرسول القائد ﷺ ٣٠٨.