هذا الكتاب، وذكر بُحيرة طبرية فقال: هي مِنْ أعلامِ خروِجِ الدَّجال، وأنّه يَيْبَسُ ماؤها عند خروجه، والحديثُ إنَّما جاء في غور زُغر، وإنما ذُكرت طبرية في حديث يأجوج ومأجوج وأنهم يشربون ماءها.
قال: وقال في الجمارِ في غير هذا الكتاب: إنما هي التي تُرمي بعرفة، وهذه هفوةٌ لا تُقال، وعثرةُ لا لعًا لها. قال: وكم له من هذا إذا تكلَّم في النسب وغيره١.
فكانت هذه عقوبةً من الله لابن سيده لما انتقص كبار العلماء ومنهم أبو عبيد وغضَّ من كتبهم لِيُظهر فضلَ كتبه ومكانتها، فكان جزاؤه من جنس عمله فغضَّ السهيلي منه ومن كتبه.
ومنهم ابن فارس اللغوي المشهور المتوفى سنة ٣٩٥ هـ، فإنَّ له كتابًا سماه: (علل الغريب المصنَّف) ٢، وقد ذكر الصاغاني أنَّ هذا الكتاب من جملة الكتب التي حواها كتابه الكبير (العباب الزاخر) .
وكان ابن السكِّيت يغضُّ من أبي عبيد وكتابه، فقد حكى الطوسي فقال: غدوت إلى أبي عبيدٍ ذاتَ يومٍ، فاستقبلني يعقوب بن السكّيت، فقال لي: إلي أين؟ فقلت: إلى أبي عبيد، فقال: أنت أعلم منه، قال: فمضيتُ إلي أبي عبيد فحدَّثته بالقصة، فقال لي: الرجل غضبان. قال: قلت: من أي شيء؟ فقال: جاءني منذ أيام، فقال لي: اقرأ عليَّ غريب المصنَّف، فقلت: لا، ولكن تجيء مع العامة، فغضب٣.
ففي هذه القصة يتبين أن سبب الغضّ من الانتقام للنفس، لا قولٌ للحقيقة، فابتعد بذلك ابن السكِّيت عن العدل والإنصاف.
والحق أنَّ الكتاب فيه بعض الأوهام والأخطاء، وقليل من التصحيفات،
_________
١ انظر لسان العرب: بحر. والروض الأنف ٢/ ١٢٨.
٢ انظر المجمل ١/٢٦، والعباب ١/ ٣٠.
٣ تاريخ بغداد ١٢/٤٠٧. وإنباه الرواة ٣/١٨.
1 / 274