اكترى الدَّوَابّ إِلَى الْعرَاق ليخرج صَبِيحَة الْغَد، قَالَ أَبُو عبيد، فَرَأَيْت النَّبِيّ صلي الله عَلَيْهِ وَسلم فِي رُؤْيَايَ وَهُوَ جَالس على فرَاشه ووعلى رَأسه قوم يحجبونه، وَالنَّاس يدْخلُونَ إِلَيْهِ ويسلمون عَلَيْهِ ويصافحونه، قَالَ: فَلَمَّا دنون لادخل مَعَ النس منعت، فَقلت لَهُم: لم لَا تخلون بينى وَبَين رَسُول اللَّه صلي اللَّه عَلَيْهِ وَسلم؟ فَقَالُوا: إى وَالله! لَا تدخل إِلَيْهِ وَلَا تسلم عَلَيْهِ وَأَنت خَارج غَدا إِلَى الْعرَاق، فَقلت لَهُم: إنى لاأخرج إِذا، فَأخذُوا عهدي ثمَّ خلوا بينى وَبَين رَسُول اللَّه صلي اللَّه عَلَيْهِ وَسلم، فَدخلت وسلمت وصافحت، فَلَمَّا أصبح فاسخ كريه وَسكن مَكَّة حَتَّى
مَاتَ بهَا فِي الْمحرم سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وَدفن فِي دور جَعْفَر.
وعاش ثَلَاثًا وَسبعين سنة، وَقَالَ الْخَطِيب فِي تَارِيخ بَغْدَاد ١٢ / ٤١٦ / بَلغنِي أَنه بلغ سبعا وَسِتِّينَ سنة.
وَقَالَ عبد الله بن طَاهِر فِي مرثيته (١):
يَا طَالب الْعلم قد مَاتَ ابْن سَلام ... وَكَانَ فَارس علم غير محجام
كَانَ الذى كَانَ فِيكُم ربع أَرْبَعَة ... لم نلق مثلهم إستار أَحْكَام
وفى تَارِيخ بَغْدَاد ١٢ / ٤٠٧ " أول من سمع هَذَا الْكتاب من أَبى عبيد يحيى بن معِين وَعرض هَذَا الْكتاب على أَحْمد بن حَنْبَل فَاسْتَحْسَنَهُ وَقَالَ: جزاه الله خيرا، وَكتب أَحْمد كتاب غَرِيب الحَدِيث الذى أَلفه أَبُو عبيد أَولا ".
والنسخ الَّتِى بَين أَيْدِينَا تدل على أَنَّهَا رويت عَن على بن عبد الْعَزِيز الْبَغَوِيّ (الْمُتَوفَّى سنة ٢٨٧ هـ) صَاحب أَبى عبيد.
_________
(١) مُعْجم الادباء ١٦ / ٢٥٧، تَارِيخ بَغْدَاد ١٢ / ٤١٢، إنباه الروَاة ٣ / ٢٠.
المقدمة / 12