سريعٌ إلى التأديب والضَّرب وفي أكثر الروايات أنه قَالَ إن أبا جَهْم لا يَضَع عَصَاه عن عاتِقِه يريد هذا المَعْنَى وذلك أن الضارب بالعصا لا يزال رافعًا لها إلى عاتِقه ما دام يضرب
وفيه وجَهْهٌ آخر وهو أن يكون أراد بهذا القول كثرة أسفارِه ودَوامَ غَيْبَتِه عن أهله يقول لا حظ لكِ في صحبته لأنه يُكثِر الظعن ويقل المقام كنى بالعَصَا عن نَوَى السفر يقال رفَعَ فلان عَصَا السَّير إذا سافر وألقى عصاه إذا أقام قَالَ الشاعر:
فألقَتْ عَصاهَا واستَقرَّت بها النَّوَى ... كما قَرّ عَيْنًا بالإياب المُسافِرُ ١
ويقال للرّاعي إذا كان قليلَ الضَّرب لإبله بعصاه إنّه لصُلْب العَصَا يريد ٢ أنّ عَصَاه صُلْبَةً صحيحة لأنه لا يُعمِلها فَتُشَظَّى وتكَسَّر فإذا أكثر الضَّربَ بها قيل له ضَعيفُ العصا وهو المحمود لأنه يَحمِلها بذلك عَلَى الرّعْي ويَسوقُها إلى الأماكن المُعْشِبَة قَالَ الشاعر:
ضعَيفُ العَصَا بادِي العروقِ ترى له ... عليها إذا ما أَمْحَل الناسُ إصبْعَا ٣
فأما قولُ الآخر:
صُلْبُ العصا بالضَّرب قد دَمَّاها ٤ ... تحسِبُه من حُبِّها أخاها
يقول: ليت الله قد أفناها
_________
١ اللسان والتاج "نوى"، وهولمعقر بن حمار.
٢ م وط وح: "يراد".
٣ اللسان "صبع"، وعزى للراعي، وهو في ديوانه /١٨٥ ط دمشق، وديوانه /٢٢٢ ط بغداد.
٤ اللسان "فني" وفيه البيتان الأول والثالث، والأبيات غير معزوة، وهي في وصف راعي غنم.
1 / 97