ولكي تتغلب على ضعفها استعادت ذكرى دافيد ريزيو الذي قتله دارنلي وهو على مقربة منها، والذي كانت تنتقم له في تلك الليلة، ولكن غريزة المرأة لم تغادرها حتى في تلك اللحظة، بل لقد تغلبت عليها ، فبدلا من أن تجد في ذكرى ريزيو ما يشجعها على الانتقام من زوجها وجدت من تلك الذكرى وسيلة لتحذيره.
وقفت شاحبة مضطربة عند الباب، وألقت عليه آخر كلماتها له بصوت يتخلله الاضطراب فقالت: لقد قتل دافيد ريزيو في مثل هذا الوقت بالضبط من العام الماضي.
وبعد ذلك، أسرعت إلى بوثول الذي كان ينتظرها، وما وصلا إلى السلم حتى تمهلت الملكة ثم وقفت وقد وضعت يدها على كتف بوثول وأخذت تهمس بخوف: هل من الضروري عمل ذلك؟ هل من الضروري؟
كان النور ضعيفا، ولكنها على الرغم من ذلك رأت ذلك النور الذي يلمع في عينيه وهو يتكئ إلى ناحيتها وقد وضع يده على وسطها وجذبها إليه بذراعه القوية، وهكذا تمكن بإرادته الحديدية من أن يجعلها تسير في الطريق الذي اختطه لها.
كانت الجياد قد أعدت في الخارج، وكان هناك عدد كبير من الأشراف في انتظارها لمرافقتها في الطريق إلى قصر هوليرود لحضور حفلة زواج خادمها سبستيان، وكذلك كان نحو ستة من الخدم يحملون المشاعل، وكانت اللادي ديز تنتظر مولاتها. وتقدم أحد الرجال لمساعدتها على الركوب، ولكنه كان أسود اليدين والوجه من تأثير البارود والمفرقعات الأخرى التي كان يعدها، حتى إنها لم تعرفه، وضحكت ضحكة عصبية مغتصبة حين سألته عن اسمه فذكره لها وصاحت: أيها اللورد، لم اسود وجهك؟
ثم ركبت جوادها، وسارت بصحبه الأشراف يتقدمها الخدم من حملة المشاعل؛ لينيروا لها الطريق، إذ كان الوقت بعد منتصف الليل.
الانفجار
وفي الغرفة العليا بقصر كيرك أوفيلد مكث زوجها دارنلي يفكر وينعم النظر فيما قالته الملكة، وقد تأكد من قرب حدوث شيء بسبب تلك اللهجة التي خاطبته بها، ومن نبرات صوتها وهي تحدثه، بل ومن النظرة التي ألقتها عليه وهي تخاطبه، وعرف أن كلماتها تحوي رسالة غامضة موجهة إليه:
لقد قتل دافيد ريزيو في مثل هذا الوقت بالضبط من العام الماضي.
أدرك دارنلي أن نفس هذه الكلمات ليست صحيحة، وأن قائلتها لم تتحر الصحة وهي تذكرها، فإن ذكرى مرور عام على مقتل ريزيو كانت تقع بعد مرور شهر كامل على ذلك التاريخ الذي ذكرته الملكة! وتساءل دارنلي عما يدفع الملكة إلى تذكيره قبل رحيلها بما اتفقا على دفنه في قبور النسيان؟ وفي الحال أجاب نفسه بنفسه، وعرف أنها قصدت إنذاره بأن الانتقام قريب الوقوع، وتذكر إذ ذاك كل ما وصل إلى مسامعه عن الأمر الملكي الذي وقع في قصر كريجميلر، وذكر كذلك إنذار اللورد روبرت له، وهو الإنذار الذي أنكره أمام الملكة، وذكر إذ ذاك كلمات الملكة التي وجهتها إليه عقب مقتل ريزيو؛ فقد قالت له: «فكر فيما تسمع مني الآن، فكر فيه واذكره؛ فإنني لن أستريح بتاتا قبل أن أسبب لك مثل هذا الحزن الذي أشعر به الآن!»
Неизвестная страница