فسألها: ولماذا يرتبونها ما دمت لا تنامين فيها هذه الليلة؟
ثم رفع صوته ونادى خادمه الخاص.
وسألته هي بدورها وقد شعرت بالخوف: وماذا تريد من خادمك؟
فلم يجبها، وأمر خادمه بالنزول لرؤية ما يحدث في الغرفة السفلى، ونزل الشاب. ولو قدر له أن يؤدي مهمته بإخلاص لرأى أعوان بوثول من هاي وهبرن ونيقولا هيبرت خادم الملكة يشتغلون بتعبئة رصاص ومقذوفات نارية أخرى لوضعها تحت غرفة الملك، إلا أن الخادم في طريقه قابل بوثول نفسه وقد التف في عباءة واسعة، ووضع قبعته على رأسه، وسأله بوثول عن المكان الذي يقصد فأخبره.
فقال له بوثول: لا شيء هناك سوى أنهم يشتغلون بنقل فراش جلالة الملكة من مكانه حسب رغبتها.
وتأثر الخادم من وجه بوثول الذي كان يدل على الأمر والقوة، وكان يسد عليه طريقه بقامته؛ ولذا فضل عدم المقاومة، وعاد إلى الملك وأخبره بما سمعه من بوثول كأنه ذهب بنفسه ورأى ما يروي.
واطمأن دارنلي قليلا وانسحب الخادم، فقالت الملكة ماري: ألم أخبرك بما هناك؟ ألم تكن كلمتي كافية؟
فأخذ دارنلي يرجوها قائلا: سامحيني على شكوكي! إنني لا أشك فيك مطلقا بعد أن أظهرت كل هذا العطف على ما أصابني من محن.
وتأوه ثم نظر إليها بحزن وأسى وأردف قائلا: كم أود لو كان الماضي يختلف في وقائعه عما حدث بيني وبينك! أظن أنني كنت صغيرا حين وليت الحكم؛ كنت في صغري أستمع لمشورة السوء، وكنت شديد التأثر بالغيرة، سريع الخضوع لسيئاتها ورذائلها، ولما شئت أن تطرديني من لدنك أخذت أتجول في العالم الواسع بلا صديق، فأسرني الشيطان بشروره، ولكنك إذا وافقت على أن ندفن الماضي في قبور النسيان؛ فسأصلح كل شيء، وستجدين أنني أكبر قيمة بما يخطر لك.
وقامت هي وقد ابيضت شفتاها، وأخذ جسمها يرتعش تحت عباءتها، واتجهت إلى النافذة وأخذت تطل منها، أخذت تنظر من النافذة إلى ذلك السكون والليل المحيط، وكانت قدماها لا تقويان على حملها من شدة ارتعادهما.
Неизвестная страница