وأخيرا خرج بائعو الصحف يحملون الطبعات الخاصة من الصحف التي نشرت إعلان تنازل؛ تنازل الملك عن العرش، وأقبل الناس على شرائها بالألوف، وأخذوا يتجمعون حلقات في الطريق يقرءون ويعيدون ما يقرءون، كما لو كانوا لا يصدقون أن الملك إدوارد الثامن الذي كانوا يجزلون له الحب من كل قلوبهم قد تنازل عن العرش حقا، وغادرهم من أجل سيدة.
واجتمع مجلس النواب الإنجليزي في منتصف الساعة الرابعة بعد الظهر، ودخل رئيس الوزراء في الساعة الثالثة والدقيقة 35، وقدم لرئيس المجلس الرسالة التي تخلى بها الملك عن عرشه، تلك الرسالة التي جاء فيها:
إنني أعتقد أنني لا أحيد عن واجبي الذي يقضي بتقديم مصالح الشعب، عندما أصرح بأنني لم أعد بعد اليوم قادرا على القيام بتلك المهمة الشاقة على ما يجب أو ما يرضي ضميري.
وقد استأنف البرلمان جلساته في اليوم التالي 11 ديسمبر سنة 1936، فأقر قانون التنازل في المجلسين، ثم أمضاه الملك في اليوم نفسه. وفي الساعة التي أمضاه فيها - وكانت الأولى والدقيقة 52 - لم يعد ملكا.
العشاء الأخير
وفي مساء ذلك اليوم، اجتمع حول المائدة الملكية في قصر وندسور: الملك السابق، والملكة الوالدة، والملك الجديد، والملكة الجديدة، والبرنسس رويال «شقيقة الملك»، والدوق جلوستر.
وقد اتخذ العشاء في تلك الليلة شكل وداع للملك إدوارد الثامن، وكانت الترتيبات التي اتخذت مؤثرة للغاية؛ إذ أشرفت الملكة الجديدة، دوقة يورك السابقة، بنفسها على اختيار ألوان الطعام التي يحبها الملك السابق؛ لأنها كانت تعرف ميوله من قبل.
وفي الساعة العاشرة قام الملك السابق من مكانه، وتحدث من القصر نفسه إلى شعبه عن طريق اللاسلكي حديثا سمعه العالم أجمع، وقد جاء فيه:
إنني وجدت من المستحيل علي أن أقوم بأعبائي دون معاونة المرأة التي أحبها. أما القرار الذي اتخذته فهو قراري وحدي. وأما الشخص الآخر فقد حاول أن يقنعني باتخاذ خطة أخرى.
وبعد ذلك الوداع المؤثر للأمة، ودع الملك أفراد الأسرة كلها، واستقل سيارة إلى ميناء بورتسموث اجتازت المدخل دون أن يقفها أحد؛ إذ كان البوليس على علم بشخصية راكبها، وسارت السيارة إلى مسكن الأميرال فيشر، القائد العام للأسطول، وحادثه الملك برهة ثم استقل مدمرة انسلت من ميناء بورتسموث في ظلام الليل.
Неизвестная страница