Гарайб аль-Куран
غرائب القرآن و رغائب الفرقان
الاستدلال بإمكان الصفات فإليه الإشارة بقوله ( خلق الله السماوات والأرض ) [العنكبوت : 44] ( الذي جعل لكم الأرض فراشا ) وبحدوث الأجسام قول إبراهيم عليه السلام ( لا أحب الآفلين ) [الأنعام : 76] وبحدوث الأعراض دلائل الأنفس ودلائل الآفاق ، فإن كل أحد يعلم بالضرورة أنه كان معدوما قبل ذلك ، والموجود بعد العدم له موجد وليس هو نفسه ولا الأبوان ولا سائر الناس لعجز الكل ، ولا طبائع الفصول والأفلاك الآفلات في أفق الإمكان فهو شيء غير متسم بسمة الحدوث والنقصان ، وهذا الطريق هو أقرب الطرق إلى الأفهام ، فلهذا أورده الله تعالى في فاتحة كتابه لينتفع به الخاص والعام مع أن فيه تذكيرا لنعمه السابقة وعطيته السابغة عليهم وعلى آبائهم ، وتذكير النعم مما يوجب المحبة والميل إلى الإنصاف وترك الجدال.
وأما قوله «
** لعلكم تتقون
** الأول :
الله محال والجواب أن الترجي راجع إلى العباد لا إلى الله تعالى كقوله ( لعله يتذكر أو يخشى ) أي اذهبا أنتما على رجائكما وطمعكما في إيمانه ، ثم الله عالم بما يؤول إليه أمره. وأيضا فمن ديدن الملوك أن يقتصروا في مواعيدهم التي يوطنون أنفسهم لإنجازها على أن يقولوا «عسى» و «لعل» ، وحينئذ لا يبقى لطالب ما عندهم شك في الفوز والنجاح بالمطلوب ، أو جاء على طريق الأطماع دون التحقيق لئلا يتكل العباد مثل ( توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ) [التحريم : 8] وقع «لعل» موقع المجاز لا الحقيقة لأن الله عز وجل خلق عباده ليتعبدهم بالتكليف ، وركب فيهم العقول والشهوات وأزاح العلة في إقدارهم وتمكينهم ، وهداهم النجدين وأراد منهم الخير والتقوى ، فهم في صورة المرجو منهم أن يتقوا لترجح أمرهم وهم مختارون بين الطاعة والعصيان كما ترجحت حال المترجي بين أن يفعل وبين أن لا يفعل ، ونظيره ( ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) [الملك : 2] وهذا الجواب مبني على أن قوله «لعلكم» متعلق بخلفكم» مثل ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) [الذاريات : 56] لا ب «اعبدوا» وقيل : «لعل» بمعنى «كي» ووجه بأنها للأطماع والكريم الرحيم إذا أطمع فعل ، فجرى إطماعه مجرى وعده المحتوم فلهذا قيل : إنها بمعنى «كي» قال القفال : في «لعل» معنى التكرير والتأكيد إذ اللام للإبتداء نحو «لقد» ، ولقولهم علك أن تفعل كذا و «عل» يفيد التكرير ومنه العلل بعد النهل. فقول القائل «افعل كذا لعلك تظفر بحاجتك» معناه افعله فإن فعلك له يؤكد طلبك له ويقويك عليه.
Страница 181