ويرى القارئ من هذه الأمثلة أن المرأة في اليابان والصين والهند لقيت - ولا تزال تلقى - ضروبا من الهوان لا يلقاها الحيوان. وهي رويدا رويدا ينزاح عنها هذا العبء، على أيدي الشبان المجددين الذين يهدمون التقاليد ويفكرون في مصالح المستقبل دون حرمة الماضي.
وأخيرا نجد من تقاليد الهند هذه النجاسة التي تنسب إلى نحو ستين مليونا من المنبوذين، فإن هذه التقاليد العجيبة تقول بحرمانهم من الحقوق الإنسانية البسيطة. ويجوز للهندوكي أن يلامس التيس والعجل والخروف فلا يتنجس ولكنه يتنجس إذا لامس هذا الإنسان الذي يسميه منبوذا.
لقد استطاع غاندي أن يؤلف من الأمة الهندية إجماعا على طلب الاستقلال ومكافحته الاستعمار، ولكنه وجد بعد أربعين سنة من الجهاد أن التقاليد تذل الهند أكثر مما يذلها الإنجليز. وهو عندما يصوم من أجل المنبوذين يحاول أن يؤلف إجماعا آخر لمحو النجاسة من الهند.
والشرق ينهض عندما يمحو هذه التقاليد المذلة. وهذا الغرب المستعمر لن يحترم الشرق حتى يحترم هذا الشرق أبناءه، رجالا كانوا أم نساء، فيساوي بين الرجل والمرأة وبين المنبوذ والمقبول.
الفصل الثاني عشر
نحن والحركة الغاندية
يجب على كل أمة منكوبة بالاستعمار أن تنتفع بتجارب الأمم الأخرى التي زاملتها في هذه النكبة. وهذه الهند قد كابدت من الاستعمار البريطاني أكثر مما كابدنا، ثم هي كافحته بأحسن مما كافحناها، فيجب علينا أن ندرس الطرق والوسائل التي اتخذتها لعلنا ننتفع بها، إما بمجاراتها وإما بالاهتداء في ضوئها إلى ما يوافق بيئتنا.
ومحور المقاومة في الهند هو «غاندي» أو بكلمة أدق هو «الغاندية» لأن غاندي الآن أصبح مذهبا، وطريقا، وفلسفة، ومبادئ وطنية معينة، بحيث قد تضاءل شخصه أمام مجهوداته الكثيرة. كأنه الشجرة يكثر حملها فلا يكاد يراها الإنسان لوفرة ما عليها من الثمر.
ومع كثرة ما قام به غاندي يمكن حصره، من حيث النوع لا من حيث المقدار، في شيئين:
الأول:
Неизвестная страница