بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار
بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار
Издатель
دار إشبيليا للنشر والتوزيع
Издание
الأولى
Год публикации
1419 AH
Место издания
الرياض
Жанры
Хадисоведение
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَهُوَ وَجْهٌ لِبَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَالْمُزَنِيِّ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ إلَى أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ وَلَا يُقْتَلُ بَلْ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يُصَلِّيَ. إِلِى أَنْ قَالَ: وَالْحَقُّ أَنَّهُ كَافِرٌ يُقْتَلُ، أَمَّا كُفْرُهُ فَلِأَنَّ الْأَحَادِيثَ قَدْ صَحَّتْ أَنَّ الشَّارِعَ سَمَّى تَارِكَ الصَّلَاةِ بِذَلِكَ الِاسْمِ وَجَعَلَ الْحَائِلَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ جَوَازِ
إطْلَاقِ هَذَا الِاسْمِ عَلَيْهِ هُوَ الصَّلَاةُ، فَتَرْكُهَا مُقْتَضٍ لِجَوَازِ الْإِطْلَاقِ. وَأَمَّا أَنَّهُ يُقْتَلُ فَلِأَنَّ حَدِيثَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ» يَقْضِي بِوُجُوبِ الْقَتْلِ لِاسْتِلْزَامِ الْمُقَاتَلَةِ لَهُ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَدِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ، وَلَا أَوْضَحَ مِنْ دَلَالَتهَا عَلَى الْمَطْلُوبِ، وَقَدْ شَرَطَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ التَّخْلِيَةَ بِالتَّوْبَةِ وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، فَقَالَ: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا ... سَبِيلَهُمْ﴾، فَلَا يُخَلَّى مَنْ لَمْ يُقِمْ الصَّلَاةَ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: «سَيَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ، فَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ بَرِئَ عُنُقُهُ، وَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ» . فَقَالُوا: أَلَا نُقَاتِلُهُمْ؟ قَالَ: «لَا مَا صَلَّوْا» . فَجَعَلَ الصَّلَاةَ هِيَ الْمَانِعَةُ مِنْ مُقَاتَلَةِ أُمَرَاءِ الْجَوْرِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ لَخَالِدٍ: «لَعَلَّهُ يُصَلِّي» فَجَعَلَ الْمَانِعَ مِنْ الْقَتْلِ نَفْسَ الصَّلَاةِ. وَحَدِيثُ: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ» لَا يُعَارِضُ مَفْهُومُهُ الْمَنْطُوقَاتِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ. إِلِى أَنْ قَالَ: اخْتَلَفُوا هَلْ يَجِبُ الْقَتْلُ لِتَرْكِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَالْجُمْهُورُ أَنَّهُ يُقْتَلُ لِتَرْكِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، وَالْأَحَادِيثُ قَاضِيَةٌ بِذَلِكَ، وَالتَّقْيِيدُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْوَاحِدَةِ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إذَا دُعِيَ إلَى الصَّلَاةِ فَامْتَنَعَ وَقَالَ: لَا أُصَلِّي حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا وَجَبَ قَتْلُهُ.
بَابُ حُجَّةِ مَنْ لَمْ يُكَفِّرْ تَارِكَ الصَّلَاةِ
وَلَمْ يَقْطَعْ عَلَيْهِ بِخُلُودٍ فِي النَّارِ وَرَجَا لَهُ مَا يُرْجَى لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ
٥١٢- عَنْ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي كِنَانَةَ يُدْعَى الْمُخْدَجِيَّ سَمِعَ رَجُلًا بِالشَّامِّ يُدْعَى أَبَا مُحَمَّدٍ يَقُولُ: إنَّ الْوِتْرَ وَاجِبٌ، قَالَ الْمُخْدَجِيُّ: فَرُحْتُ إلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ عُبَادَةَ: كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ، مَنْ أَتَى بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّع مِنْهُنَّ شَيْئًا - اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ - كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ
الْجَنَّةَ،
1 / 143