بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار
بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار
Издатель
دار إشبيليا للنشر والتوزيع
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م
Место издания
الرياض
Жанры
تَعَالَى: وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ: إنَّ الصَّلَاةَ فِي الثَّوْبِ الْمَغْصُوبِ ثَمَنُهُ لَا تَصِحُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: تَصِحُّ. قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النُّقُودَ تَتَعَيَّنُ فِي الْعُقُودِ.
قَوْلُهُ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» قَالَ الشَّارِحُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ قَوَاعِدِ الدِّينِ؛ لِأَنَّهُ يَنْدَرِجُ تَحْتَهُ مِنْ الْأَحْكَامِ مَا لَا يَأْتِي عَلَيْهِ الْحَصْرُ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: يُحْتَجّ بِهِ فِي إَبْطَالِ جَمِيعِ الْعُقُودِ الْمَنْهِيَّة، وَعَدَمِ وُجُودِ ثَمَرَاتها الْمُتَرَتِّبَة عَلَيْهَا، وَأَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الفَسَاد لأّنَّ الْمَنْهِيَّات كُلَّهَا ليْسَتْ مِنْ أَمْرِ الدِّين فَيَجِبُ رَدَّهَا. قَالَ الشَّارِحُ: فَالصَّلَاةُ مَثَلًا الَّتِي تُرِكَ فِيهَا مَا كَانَ يَفْعَلُهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، أَوْ فُعِلَ فِيهَا مَا كَانَ يَتْرُكُهُ لَيْسَتْ مِنْ أَمْرِهِ، فَتَكُونُ بَاطِلَةً بِنَفْسِ هَذَا الدَّلِيلِ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْأَمْرُ الْمَفْعُولُ أَوْ الْمَتْرُوكُ مَانِعًا بِاصْطِلَاحِ أَهْلِ الْأُصُولِ، أَوْ شَرْطًا أَوْ غَيْرَهُمَا، فَلْيَكُنْ مِنْك هَذَا عَلَى ذِكْرٍ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا الْحَدِيثُ مَعْدُودٌ مِنْ أُصُولِ الْإِسْلَامِ، وَقَاعِدَةٌ مِنْ قَوَاعِدِهِ، فَإِنَّ مَعْنَاهُ: مَنْ اخْتَرَعَ مِنْ الدِّينِ مَا لَا يَشْهَدُ لَهُ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِهِ فَلَا يُلْتَفَتُ ... إلَيْهِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا يَنْبَغِي حِفْظُهُ وَاسْتِعْمَالُهُ فِي إبْطَالِ الْمُنْكَرَاتِ وَإِشَاعَةِ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (فَرُّوجُ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ هُوَ الْقَبَا الْمُفَرَّجُ مِنْ خَلْفٍ. وَالْحَدِيثُ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ بِتَحْرِيمِ الصَّلَاةِ فِي الْحَرِيرِ. وَقَالَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ: إنَّهَا مَكْرُوهَةٌ فَقَطْ، مُسْتَدِلِّينَ بِأَنَّ عِلَّةَ التَّحْرِيمِ الْخُيَلَاءُ، وَلَا خُيَلَاءَ فِي الصَّلَاةِ، وَهَذَا تَخْصِيصٌ لِلنَّصِّ بِحِيَالِ عِلَّةِ الْخُيَلَاءِ، وَهُوَ مِمَّا لَا يَنْبَغِي الِالْتِفَاتُ إلَيْهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ:
وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَبِسَهُ قَبْلَ تَحْرِيمِهِ إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ بِهِ أَنَّهُ لَبِسَهُ بَعْدَ التَّحْرِيمِ فِي صَلَاةٍ وَلَا غَيْرِهَا. وَيَدُلُّ عَلَى إبَاحَتِهِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ مَا رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ:
٦٩٦- أَنَّ أُكَيْدِرَ دَوْمَةَ أَهْدَى إلَى النَّبِيِّ ﷺ جُبَّةَ سُنْدُسٍ - أَوْ دِيبَاجٍ - قَبْلَ أَنْ يَنْهَى عَنْ الْحَرِيرِ فَلَبِسَهَا فَتَعَجَّبَ النَّاسُ مِنْهَا فَقَالَ: «وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ.
1 / 194