Мекканские откровения
الفتوحات المكية في معرفة الاسرار الملكية
Издатель
دار إحياء التراث العربي
Номер издания
الأولى
Год публикации
1418هـ- 1998م
Место издания
لبنان
قد يرحل المرء لمطلوبه . . . والسبب المطلوب في الراحل وعلم ما أودع الله فيه من الأسرار والحكم وتحقق عنده حدوثه وعرف ذاته معرفة إحاطية فكانت تلك المعرفة له غذاء معينا يتقوت به وتدوم حياته إلى غير نهاية فقال له عند ذلك التجلي الأقدس ما أسمى عندك فقال أنت ربي فلم يعرفه إلا في حضرة الربوبية وتفرد القديم بالألوهية فإنه لا يعرفه إلاى هو فقال له سبحانه أنت مربوبي وأنا ربك أعطيتك أسمائي وصفاتي فمن رآك رآني ومن أطاعك أطاعني ومن علمك علمني ومن جهلك جهلني فغاية من دونك أن يتوصلوا إلى معرفة نفوسهم منك وغاية معرفتهم بك العلم بوجودك لا بكيفيتك كذلك أنت معي لا تتعدى معرفة نفسك ولا ترى غيرك ولا يحصل لك العلم بي إلا من حيث الوجود ولو أحطت علما بي لكنت أنت أنا ولكنت محاطا لك وكانت أنيتي أنيتك وليست أنيتك أنيتي فأمدك بالأسرار الإلهية وأربيك بها فتجدها مجعولة فيك فتعرفها وقد حجبتك عن معرفة كيفية إمدادي لك بها إذ لا طاقة لك بحمل مشاهدتها إذ لو عرفتها لاتحدت الأنية واتحاد الأنية محال فمشاهدتك لذلك محال هل ترجع أنية المركب أنية البسيط لا سبيل إلى قلب الحقائق فاعلم أن من دونك في حكم التبعية لك كما أنت في حكم التبعية لي فأنت ثوبي وأنت ردائي وأنت غطائي فقال له الروح ربي سمعتك تذكران لي ملكا فأين هو فاستخرج له النفس منه وهي المفعول عن الانبعاث فقال هذا بعضي وأنا كله كما أنا منك ولست مني قال صدقت يا روحي قال بك نطقت يا ربي أنك ربيتني وحجبت عني سر الإمداد والتربية وانفردت أنت به فاجعل إمدادي محجوبا عن هذا الملك حتى يجهلني كما جهلتك فخلق في النفس صفة القبول والافتقار ووزر العقل إلى الروح المقدس ثم أطلع الروح على النفس فقال لها من أنا قالت ربي بك حياتي وبك بقائي فتاه الروح بملكه وقام فيه مقام ربه فيه وتخيل أن ذلك هو نفس الأمداد فأراد الحق أن يعرفه أن الأمر على خلاف ما تخيل وأنه لو أعطاه سر الإمداد كما سأل لما انفردت الألوهية عنه بشيء ولا تحدت الأنية فلما أراد ذلك خلق الهوى في مقابلته وخلق الشهوة في مقابلة العقل ووزرها للهوى وجعل في النفس صورة القبول لجميع الواردات عموما فحصلت النفس بين ربين قويين لهما وزيران عظيمان ومازال هذا يناديها وهذا يناديها والكل من عند الله قال تعالى ' قل كل من عند الله ' ' وكلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك ' ولهذا كانت النفس محل التغيير والتطهير قال تعالى ' فألهمها فجورها وتقواها ' في أثر قوله ' ونفس وما سواها ' فإن أجابت منادي الهوى كان التغيير وإن أجابت منادي الروح كان التطهير شرعا وتوحيدا فلما رأى الروح ينادي ولا يسمع مجيبا فقال ما منع ملكي من أجابتي قال له الوزير في مقابلتك ملك مطاع عظيم السلطان يسمى الهوى عطيته معجلة له الدنيا بحذافيرها فبسط لها حضرته ودعاها فأجابته فرجع الروح بالشكوى إلى الله تعالى فثبتت عبوديته وذلك كان المراد وتنزلت الأرباب والمربوبون كل واحد على حسب مقامه وقدره فعالم الشهادة المنفصل ربهم عالم الخطاب وعالم الشهادة المتصل ربهم عالم الجبروت وعالم الجبروت ربهم عالم الملكوت وعالم الملكوت ربهم الكلمة والكلمة ربها رب الكل الواحد الصمد وقد أشبعنا القول في هذا الفصل في كتابنا المسمى بالتدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية فاضربنا عن تتميم هذا الفصل هنا مخافة التطويل وكذلك ذكرناه أيضا في تفسير القرآن فسبحان من تفرد بتربية عباده وحجب من حجب منهم بالوسائط وخرج من هذا الفصل لمن عرف روحه ومعناه أن الرب هو الله سبحانه وأن العالمين هو المثل الكلي ولذلك أوجده في العالمين على ثمانية أحرف عرشا واستوى عليه باللطف والتربية والحنان والرحمة الرحمانية المؤكدة بالرحيمية لتميز الدار الحيوان لقوله تعالى الرحمن الرحيم فعم بالرحمان وخص بالرحيم فالرحمان في عالمه بالوسائط وغيرها والرحيم في كلماته بلا واسطة لوجود الاختصاص وشرف العناية فافهم والأسلم تسلم ' وصل في قوله تعالى ملك يوم الدين ' يريد يوم الجزاء وحضرة الملك من مقام التفرقة وهي جمع فإنه لا تقع التفرقة إلا في الجمع قال فيها يفرق كل أمر حكيم فهي مقام الجمع وقد قبلت سلطان التفرقة فهي مقام التفرقة فافترق الجمع إلى أمر ونهي خطايا وسخط ورضى إرادة وطاعة وعصيان فعل مألوه ووعد ووعيد فعل إله والملك في هذا اليوم من حقت له الشفاعة واختص بها ولم يقل نفسي وقال أمتي والملك في وجودنا المطلوب للقيامة المعجلة التي تظهر في طريق التصوف هو الروح القدسي ويوم القيامة وقت إيجاده الجزاء أو طولب به إن كانت عقوبة لابد من ذلك فإن كانت الطاعة فجنات من نخيل وأعناب وإن كانت المعصية الكفرانية فجهنم من أغلال وعذاب ومن مقام الدعوى في الصورتين فنفرض الكلام في هذه الآية على حد الملك وما ينبغي له وهل ترتقي النفس من يوم الدين إلى الفناء عنه فأقول أن الملك من صح له الملك بطريق الملك وسجد له الملك وهو الروح فلما نازعه الهوى واستعان بالنفس عليه عزم الروح على قتل الهوى واستعد فلما برز الروح بجنود التوحيد والملأ الأعلى وبرز الهوى كذلك بجنود الأماني والغرور والملأ الأسفل قال الروح للهوى مني إليك فإن ظفرت بك فالقوم لي وإن ظفرت أنت وهزمتني فالملك لك ولا يهلك القوم بيننا برز الروح والهوى فقتله الروح بسيف العدم وظفر بالنفس بعد إيابة منها وجهد كبير فأسلمت تحت سيفه فسلمت وأسلمت وتطهرت وتقدست وآمنت الحواس لإيمانها ودخلوا في رق الإنقياد وأذعنوا وسلبت عنهم أردية الدعاوى الفاسدة واتحدت كلمتهم وصار الروح والنفس كالشيء الواحد وصح له اسم الملك حقيقة فقال له ملك يوم الدين فرده إلى مقامه ونقله من افتراق الشرع إلى جمع التوحيد والملك على الحقيقة هو الحق تعالى المالك للكل ومصرفه وهو الشفيع لنفسه عامة وخاصة خاصة في الدنيا وعامة في الآخرة من وجه ما ولذلك قدم على قوله ملك يوم الدين الرحمن الرحيم لتأنس أفئدة المحجوبين عن رؤية رب العالمين ألا تراه يقول يوم الدين شفعت الملائكة والنبيون وشفع المؤمنون وبقي أرحم الراحمين ولم يقل وبقي الجبار ولا القهار ليقع التأنيس قبل إيجاد الفعل في قلوبهم فمن عرف المعنى في هذا الوجود صح له الاختصاص في مقام أرحم ومن جهلها في هذا الوجود دخل في العامة في الحشر الأكبر فتجلى في مقام الراحمين فعاد الفرق جمعا والفتق رتقا والشفع وترا بشفاعة أرحم الراحمين من جهنم ظاهر السور إلى جنة باطنه فإذا وقع الجدار وانهدم السور وامتزجت الأنهار والتقت البحران وعدم البرزخ صار العذاب نعيما وجهنم جنة فلا عذاب ولا عقاب إلا نعيم وأمان بمشاهدة العيان وترنم أطيار بألحان على المقاصير والأفنان ولثم الحور والولدان وعدم مالك وبقي رضوان وصارت جهنم تتنعم في حظائر الجنان واتضح سر إبليس فيهم فإذا هو ومن سجد له سيان فإنهما ما تصرفا إلا عن قضاء سابق وقدر لاحق لا محيص لهما عنه فلا بد لهما منه وحاج آدم موسى وصل في قوله جل ثناؤه وتقدس ' إياك نعبد وإياك نستعين ' لما ثبت وجوده بالحمد للله وغذاؤه برب العالمين واصطفاؤه بالرحمن الرحيم وتمجيده بملك يوم الدين أراد تأكيد تكرار الشكر والثناء رغبة في المزيد فقال إياك نعبد وإياك نستعين وهذا مقام الشكر أي لك نقر بالعبودية ونؤوي وحدك لا شريك لك وإليك نؤوي في الاستعانة لا إلى غيرك على من أنزلتهم مني منزلتي منك فأنا أمدهم بك لا بنفسي فأنت الممد لا أنا وأثبت له بهذه الآية نفي الشريك فالياء من إياك العبد الكلي قد انحصرت ما بين ألفين ألفي توحيد حتى لا يكون لها موضع دعوى برؤية غير فأحاط بها التوحيد والكاف ضمير الحق فالكاف والألفان شيء واحد فهم مدلول الذات ثم كان نعبد صفة فعل الياء بالضمير الذي فيه والعبد فعل الحق فلم يبق في الوجود إلا الحضرة الإلهية خاصة غير أنه في قوله إياك نعبد في حق نفسه للإبداع الأول حيث لا يتصور غيره وإياك نستعين في حق غيره للخلق المشتق منه وهو محل سر الخلافة ففي إياك نستعين سجدت الملائكة وأبى من استكبر وصل في قوله تعالى ' اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين آمين ' فلما قال له إياك نعبد وإياك نستعين قال له وما عبادتي قال ثبوت لاتوحيد في الجمع والتفرقة فلما استقر عند النفس أن النجاة في التوحيد الذي هو الصراط المستقيم وهو شهود الذات بفنائها أو بقائها إن غفلت قالت اهدنا الصراط المستقيم فتعرض لها بقولها المستقيم صراطان معوج وهو صراط الدعوى ومستقيم وهو التوحيد فلم يكن لها ميز بين الصراطين إلا بحسب السالكين عليهما فرأت ربها سالكا للمستقيم فعرفته به ونظرت نفسها فوجدت بينها وبين ربها الذي هو الروح مقاربة في اللطافة ونظرت إلى المعوج عند عالم التركيب فذلك قولها صراط الذين أنعمت عليهم وهذا عالمها المتصل بها المركب مغضوب عليه والمنفصل عنها ضالون عنها بنظرهم إلى المتصل المغضوب عليه فوقفت على رأس الصراطين ورأت غاية المعوج الهلاك وغاية المستقيم النجاة وعلمت أن عالمها يتبعها حيث سلكت فلما أرادت السلوك على المستقيم وأن تعتكف في حضرة ربها وأن ذلك لها ومن نفسها بقولها إياك نعبد عجزت وقصر بها فطلبت الاستعانة بقولها وإياك نستعين فنبهها ربها على اهدنا فتيقظت فقالت اهدنا فوصفت ما رأت بقولها الصراط المستقيم الذي هو معرفة ذاتك قال صاحب المواقف لا تأثير للعلم وقال أنت لما هلكت فيه صراط الذين أنعمت عليهم وقرئ في الشاذ صراط من أنعم عليه إشارة إلى الروح القدسي وتفسير الكل من أنعم الله عليه من رسول ونبي غير المغضوب عليهم ليس كذلك ولا الضالين يقول تعالى فهؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل فأجابها وأقام معوجها وأوضح صراطها ورفع بساطها يقول ربها أثر تمام دعائها آمين فحصلت الإجابة بالأمن تأمين الملائكة وصار تأمين الروح تابعا له اتباع الأجناد بل أطوع لكون الإرادة متحدة وصح لها النطق فسماها النفس الناطقة وهي عرش الروح والعقل صورة الاستواء فافهم وإلا فسلم تسلم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ' فصول تأنيس وقواعد تأسيس ' نظر الجمال بعين الوصال قال تعالى إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم إيجاز البيان فيه يا محمد إن الذين كفروا ستروا محبتهم في عنهم فسواء عليهم أأنذرتهم بوعيدك الذي أرسلتك به أم لم تنذرهم لا يؤمنون بكلامك فإنهم لا يعقلون غيري وأنت تنذرهم بخلقي وهم ما عقلوه ولا شاهدوه وكيف يؤمنون بك وقد ختمت على قلوبهم فلم أجعل فيها متسعا لغيري وعلى سمعهم فلا يسمعون كلاما في العالم الأمني وعلى أبصارهم غشاوة من بهائي عند مشاهدتي فلا يبصرون سواي ولهم عذاب عظيم عندي أردهم بعد هذا المشهد السني إلى إنذارك وأحجبهم عني كما فعلت بك بعد قاب قوسين أو أدنى قربا أنزلتك إلى من يكذبك ويرد ما جئت به إليه مني في وجهك وتسمع في ما يضيق له صدرك فأين ذلك الشرح الذي شاهدته في إسرائك فهكذا أمنائي على خلقي الذين أخفيتهم رضاي عنهم فلا أسخط عليهم أبدا ' بسط ما أوجزناه في هذا الباب ' انظر كيف أخفى سبحانه أولياءه في صفة أعدائه وذلك لما أبدع الأمناء من اسمه اللطيف وتجلى لهم في اسمه الجميل فاحبوه تعالى والغيرة من صفات المحبة في المحبوب والمحب بوجهين مختلفين فستروا محبته غيرة منهم عليه كالشبلي وأمثاله وسترهم بهذه الغيرة عن أن يعرفوا فقال تعالى ' إن الذين كفروا ' أي ستروا ما بدا لهم في مشاهدتهم من أسرار الوصلة فقال لابد أن أحجبكم عن ذاتي بصفاتي فتأهبوا لذلك فما استعدوا فأنذرتهم على ألسنة أنبيائي الرسل في ذلك العالم فما عرفوا لأنهم في عين الجمع وخاطبهم من عين التفرقة وهم ما عرفوا عالم التفصيل فلم يستعدوا وكان الحب قد استولى على قلوبهم سلطانه غيرة من الحق عليهم في ذلك الوقت فأخبر نبيه صلى الله عليه وسلم روحا وقرآنا بالسبب الذي أصمهم عن إجابة ما دعاهم إليه فقال ختم الله على قلوبهم فلم يسعها غيره وعلى سمعهم فلا يسمعون سوى كلامه على ألسنة العالم فيشهدونه في العالم متكلما بلغاتهم وعلى أبصارهم غشاوة من سناه إذ هو النور وبهائه إذ له الجلال والهيبة يريد الصفة التي تجلى لهم فيها المتقدمة فأبقاهم غرقى في بحور اللذات بمشاهدة الذات فقال لهم لا بد لكم من عذاب عظيم فما فهموا ما العذاب لاتحاد الصفة عندهم فأوجد لهم عالم الكون والفساد وحينئذ علمهم جميع الأسماء وأنزلهم على العرش الرحماني وفيه عذابهم وقد كانوا مخبوئين عنده في خزائن غيوبه فلما أبصرتهم الملائكة خرت سجودا لهم فعلموهم الأسماء فأما أبو يزيد فلم يستطع الاستواء ولا أطاق العذاب فصعق من حينه فقال تعالى ردوا علي حبيبي فإنه لا صبر له عني فحجب بالشوق والمخاطبة وبقي الكفار فنزلوا من العرش إلى الكرسي فبدت لهم القدمان فنزلوا عليهما في الثلث الباقي من ليلة هذه النشأة الجسمية إلى سماء الدنيا النفسي فخاطبوا أهل الثقل الذين لا يقدرون على العروج هل من داع فيستجاب له هل من تائب فيتاب عليه هل من مستغفر فيغفر له حتى ينصدع الفجر فإذا انصدع ظهر الروح العقلي النوري فرجعوا من حيث جاؤوا قال صلى الله عليه وسلم من كان مواصلا فليواصل حتى السحر فذلك أوان بعثر ما في القبور فكل عبد لم يحذر مكر الله فهو مخدوع فافهم . ظهر الروح العقلي النوري فرجعوا من حيث جاؤوا قال صلى الله عليه وسلم من كان مواصلا فليواصل حتى السحر فذلك أوان بعثر ما في القبور فكل عبد لم يحذر مكر الله فهو مخدوع فافهم . فصل ' ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخادعون إلا أنفسهم وما يشعرون في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون ' أبدع الله المبدعات وتجلى بلسان الأحدية في الربوبية فقال ألست بربكم والمخاطب في غاية الصفاء فقال بلى فكان كمثل الصدا فإنهم أجابوه فإن الوجود المحدث خيال منصوب وهذا الإشهاد كان إشهاد رحمة لأنه ما قال لهم وحدي إبقاء عليهم لما علم من أنهم يشركون به بما فيهم من الحظ الطبيعي وبما فيهم من قبول الاقتدار الإلهي وما يعلمه إلا قليل فلما برزت صور العالم من العلم الأزلي إلى العين الأبدي من وراء ستارة الغيرة والعزة بعد ما أسرج السرج وأنار بيت الوجود وبقي هو في ظلمة الغيوب فشوهدت الصور متحركة ناطقة بلغات مختلفات والصور تنبعث من الظلمة فإذا انقضى زمانها عادت إلى الظلمة وهكذا حتى السحر فأراد الفطن أن يقف على حقيقة ما شاهده بصره فإن للحس أغاليط فقرب من الستارة فرأى نطقها غيبا فيها فعلم أن ثم سرا عجيبا فوقف عليه من نفسه فعرفه وعرف الرسول وما جاء به من وظائف التكليف فأول وظيفة كلمة التوحيد فأقر الكل بها فما جحد أحد الصانع واختلفت عباراتهم عليه فابتلاهم بأن خاطبهم بلسان الشرك شهادة الرسول فوقع الإنكار باختصاص الجنس فتفرق أهل الإنكار على طريقين فمنهم من نظر في الظواهر فلم ير تفضيلا في شيء ظاهر فأنكر ومنهم من نظر باطنا عقلا فرأى الاشتراك في المعقولات ونسي الاختصاص فأنكر فأرسله بالسيف فقذف في قلوبهم الرعب من الموت وداخلهم الشك على قدر نظرهم فمنهم من استمر على نفي كلمة الإشراك ومنهم من استمر على ثبتها اعتقادا فتلك العامة ومنهم من خاف القتل فلفظ ولم يعتقد فنادىة عليه لسان الحق فقال ' ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر ظاهرا وما هم بمؤمنين باطنا يخادعون الله بلزوم الدعوى وبجهلهم القائم بهم بأن الله لا يعلم وإني أرد أعمالهم عليهم وما يشعرون اليوم بذلك في قلوبهم مرض شك مما جاءهم به رسولي فزادهم الله مرضا شكا وحجابا ولهم عذاب أليم يوم القيامة وهم فيه بما كانوا يكذبون مما حققنا لديهم ولم تسبق لهم عناية في اللوح القاضي وصل ' وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ' لما أكمل الوجود بثمانية برز في ميدان التنعيم فارس الدعوى فلم يكن في جيش ' ومن الناس من يقول آمنا ' من يبرز إليه فملك الكل وصبوا إليه وإلى دينه باطنا فعوقبوا بطلب الإقرار وإلا قتلوا فأقروا لفظا فحصل لهم العذاب الأليم دنيا وآخرة فإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض أرض الأشباح قالوا من خيالهم إنما نحن مصلحون فقال الله تعالى ألا إنهم هم المفسدون عندنا وعندهم إذ لم يستمتعوا بها على ما يريدون ولكن لا يشعرون باتحاد الأشياء ولو شعروا ما آمنوا ولا كفروا وصل ' وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفاء ولكن لا يعلمون ' وذلك أنهم لما انتظموا في سلك الأغيار أتاهم النداء أن يقفوا على منازر الشهداء فسمعوا الخطاب في الأينية آمنوا كما آمن الناس فحجبوا عن أخذ العهد بعهد الحس والداعي الجنسي وأصمهم ذلك وأعمى أبصارهم وأغطش ليل جهالتهم فقالوا ' أنؤمن كما آمن السفهاء ' لما عدل بهم عن طريق التقديس ووقفوا مع الهوى قال الله لنا ' ألا إنهم هم السفهاء ' الأحلام لما ملكتهم الأهواء وحجبوا عن الالتذاذ بسماع وقع الرذاذ على الأفلاذ بالطور ولكن لا يعلمون ليتميز العالي ممن هو دونه وإلا فأية فائدة لقوله لشيء إذا أراده أن يقول له كن فيكون ذلك الشيء إلا إيجاد الأشياء على أحسن قانون فسبحان من انفرد بالإيجاد واختراع والاتقان والإبداع وصل في دعوى المدعين ' وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤن ' الإيمان في هذا المقام على خمسة أقسام إيمان تقليد وإيمان علم وإيمان عين وإيمان حق وإيمان حقيقة فالتقليد للعوام والعلم لأصحاب الدليل والعين لأهل المشاهدة والحق للعارفين والحقيقة للواقفين وحقيقة الحقيقة وهو السادس للعلماء المرسلين أصلا ووراثة منع كشفها فلا سبيل إلى إيضاحها فكانت صفات الدعاوى إذا لقوا هؤلاء الخمسة قالوا آمنا فالقلب للعوام وسر القلب لأصحاب الدليل والروح لأهل المشاهدة وسر الروح للعارفين وسر السر للواقفين والسر الأعظم لأهل الغيرة والحجاب والمنافقون تعروا عن الإيمان وانتظموا في الإسلام وإيمانهم ما جاوز خزانة خيالهم فاتخذوا أصناما في ذواتهم أقاموها مقام آلهتهم فإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا باستيلاء الغفلة عليهم وخلو المحل عن مراتب الإيمان ' إنا معكم إنما نحن مستهزؤن ' فوقع عليهم العذاب من قولهم له إلى شياطينهم في حال الخلوة فلما قامت الأضداد عندهم وعاملوا الحق والباطل عاملوا الحق بستر الباطل وعاملوا الباطل بإفشاء الحق فصح لهم النفاق ولو خاطبوا ذاتهم في ذاتهم ما صح عليهم هذا ولكانوا من أهل الحقائق فأوقع الله الجواب على الاستهزاء فقال ' الله يستهزئ بهم ' وهو استهزاؤهم عجبا كيف قالوا إنا معكم وهم عدم لو عاينوا إيمان الحقيقة لعاينوا الخالق في الخليقة ولأخلوا ولا نطقوا ولا صمتوا بل كانوا يقومون مقام من شاهد وهو روح جاء مع صاحب المادة فلينظر الإنسان حقيقة اللقاء فإنه مؤذن بافتراق متقدم ثم اجتمعوا بصفة لم يعرفوها بل ظهر لهم منها ظاهر حسن فتأدبوا معها ولم يطيقوا أكثر من ذلك فقالوا آمنا ثم نكسوا على رؤسهم في الخلوة مع الشيطنة وهي البعد مثل اللقاء مفقالوا إنما نحن مستهزؤن بالصفة التي لقينا فتدبر هذه الآية من حقيقة الحقيقة عند طلوع الفجر وزوال الشك بزوال الستارة ورفع الموانع يلح لك السر في سبحان والنساء والشمس فتجد الذين لقوا كمثل الذين لقوا فتصمت وإن تكلمت هلكت وهذه حقيقة الحقيقة التي منع كشفها إلا لمن شم منها رائحة ذوقا فلا بأس فانظر وتدبر ترشد إن شاء الله تم الجزء العاشر . قلب للعوام وسر القلب لأصحاب الدليل والروح لأهل المشاهدة وسر الروح للعارفين وسر السر للواقفين والسر الأعظم لأهل الغيرة والحجاب والمنافقون تعروا عن الإيمان وانتظموا في الإسلام وإيمانهم ما جاوز خزانة خيالهم فاتخذوا أصناما في ذواتهم أقاموها مقام آلهتهم فإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا باستيلاء الغفلة عليهم وخلو المحل عن مراتب الإيمان ' إنا معكم إنما نحن مستهزؤن ' فوقع عليهم العذاب من قولهم له إلى شياطينهم في حال الخلوة فلما قامت الأضداد عندهم وعاملوا الحق والباطل عاملوا الحق بستر الباطل وعاملوا الباطل بإفشاء الحق فصح لهم النفاق ولو خاطبوا ذاتهم في ذاتهم ما صح عليهم هذا ولكانوا من أهل الحقائق فأوقع الله الجواب على الاستهزاء فقال ' الله يستهزئ بهم ' وهو استهزاؤهم عجبا كيف قالوا إنا معكم وهم عدم لو عاينوا إيمان الحقيقة لعاينوا الخالق في الخليقة ولأخلوا ولا نطقوا ولا صمتوا بل كانوا يقومون مقام من شاهد وهو روح جاء مع صاحب المادة فلينظر الإنسان حقيقة اللقاء فإنه مؤذن بافتراق متقدم ثم اجتمعوا بصفة لم يعرفوها بل ظهر لهم منها ظاهر حسن فتأدبوا معها ولم يطيقوا أكثر من ذلك فقالوا آمنا ثم نكسوا على رؤسهم في الخلوة مع الشيطنة وهي البعد مثل اللقاء مفقالوا إنما نحن مستهزؤن بالصفة التي لقينا فتدبر هذه الآية من حقيقة الحقيقة عند طلوع الفجر وزوال الشك بزوال الستارة ورفع الموانع يلح لك السر في سبحان والنساء والشمس فتجد الذين لقوا كمثل الذين لقوا فتصمت وإن تكلمت هلكت وهذه حقيقة الحقيقة التي منع كشفها إلا لمن شم منها رائحة ذوقا فلا بأس فانظر وتدبر ترشد إن شاء الله تم الجزء العاشر .
بسم الله الرحمن الرحيم
الباب السادس في معرفة بدء الخلق الروحاني ومن هو أول موجود فيه ومم
وجد وفيم وجد وعلى أي مثال وجد ولم وجد وما غايته ومعرفة أفلاك العالم الأكبر والأصغر :
انظر إلى هذا الوجود المحكم . . . ووجودنا مثل الرداء المعلم
وانظر إلى خلفائه في ملكهم . . . من مفصح طلق اللسان وأعجم
ما منهمو أحد يحب إلهه . . . إلا ويمزجه بحب الدرهم
فيقال هذا عبد معرفة وذا . . . عبد الجنان وذا عبيد جهنم
إلا القليل من القليل فإنهم . . . سكرى به من غير حس توهم
فهمو عبيد الله لا يدري بهم . . . أحد سواء لا عبيد المنعم
فأفادهم لما أراد رجوعهم . . . لقصورهم من كل علم مبهم علم المقدم في البسائط وحده . . . وأساسه ذو عنه لم يتصرم
وحقيقة الظرف الذي سترته عن . . . أمثاله ومثله لم يكتم
والعلم بالسبب الذي وجدت له . . . عين العوالم في الطراز الأقدم
ونهاية الأمر الذي لا غاية . . . تدرى له فيه العظيم الأعظم
وعلوم أفلاك الوجود كبيره . . . وصغيره الأعلى الذي لم يذمم
هذي علوم من تحقق كشفها . . . يهدي القلوب إلى السبيل الأقوم
فالحمد لله الذي أنا جامع . . . لعلومها ولعلم ما لم يعلم
Страница 167