Мекканские откровения
الفتوحات المكية في معرفة الاسرار الملكية
Издатель
دار إحياء التراث العربي
Номер издания
الأولى
Год публикации
1418هـ- 1998م
Место издания
لبنان
لميزت بيني وبين الذي . . . يجلي لك الحق كالباطل يقول الله تعالى وترى الناس سكارى وما هم بسكارى وذلك أن الله قوما كانت عقولهم محجوبة بما كانوا عليه من الأعمال التي كلفهم الحق تعالى في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم التصرف فيها شرعا وشرعها لهم ولم يكن لهم علم بأن الله تعالى الحق فجأة لمن خلا به في سره وأطاعه في أمره وهيأ قلبه لنوره من حيث لا يشعر ففجأه الحق على غفلة منه بذلك وعدم علم واستعداد لهائل أم فذهب بعقله في الذاهبين وأبقى تعالى ذلك الأمر الذي فجأه مشهود له فهام فيه ومضى معه فبقي في عالم شهادته بروحه الحيواني يأكل ويشرب ويتصرف في ضروراته الحيوانية تصرف الحيوان المفطور على العلم بمنافعه المحسوسة ومضاره من غير تدبير ولا روية ولا فكر ينطق بالحكمة ولا علم له بها ولا يقصد نفعك بها لتتعظ وتتذكر أن الأمور ليست بيدك وأنك عبد مصرف بتصريف حكيم وسقط التكليف عن هؤلاء إذ ليس لهم عقول يقبلون بها ولا يفقهون بها تراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون خذ العفو أي القليل مما يجري الله على ألسنتهم من الحكم والمواعظ وهؤلاء هم الذين يسمون عقلاء المجانين يريدون بذلك أن جنونهم ما كان سببه فساد مزاج عن أمر كوني من غذاء أو جوع أو غير ذلك وإنما كان عن تجل إلهي لقلوبهم وفجأة من فجآت الحق فجأتهم فذهبت بعقولهم فعقولهم محبوسة عنده منعمة بشهوده عاكفة في حضرته متنزهة في جماله فهم أصحاب عقول بلا عقول وعرفوا في الظاهر بالمجانين أي المستورين عن تدبير عقولهم فلهذا سموا عقلاء المجانين قيل لأبي السعود بن الشبل البغدادي عاقل زمانه ما تقول في عقلاء المجانين من أهل الله فقال رضي الله عنه هو ملاح والعقلاء منهم أملح قيل له فبماذا نعرف مجانين الحق من غيرهم فقال مجانين الحق تظهر عليهم آثار القدرة والعقلاء يشهد الحق بشهودهم أخبرني بذلك عنه صاحبه أبو البدر التماسكي رحمه الله وكان ثقة ضابطا عارفا بما ينقل لا يجعل فاء مكان واو فقال الشيخ من شاهد ما شاهدوا وأبقى عليه عقله فذلك أحسن وأمكن فإنه قد أقيم وأعطى من القوة قريبا مما أعطيت الرسل وإن تغير وافي وقت الفجآت فقد علمنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فجأه الوحي جئت منه رعبا فأتى خديجة ترجف بوادره فقال زملوني زملوني وذلك من تجلي ملك فكيف به بتجلي ملك فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاءه الوحي ونزل الروح الأمين به على قلبه أخذ عن حسه وسجى ورغا كما يرغو البعير حتى ينفصل عنه وقد وعى ما جاء به فيلقيه على الحاضرين ويبلغه للسامعين فمواجده صلى الله عليه وسلم من تجليات ربه على قلبه أعظم سطوة من نزول مملك ووارد في الوقت الذي لم يكن يسعه فيه غير ربه ولكن كان منتظرا مستعدا لذلك الهول ومع هذا يؤخذ عن نفسه فلولا أنه رسول مطلوب بتبليغ الرسالة وسياسة الأمة لذهب الله بعقول الرسل لعظيم ما يشاهدونه فمكنهم الله القوي المتين من القوة بحيث يتمكنون من قبول ما يرد عليهم من الحق ويوصلونه إلى الناس ويعملون به فاعلم أن الناس في هذا المقام على إحدى ثلاث مراتب ممنهم من يكون وارده أعظم من القوة التي يكون في نفسه عليها فيحكم الوارد عليه فيغلب عليه الحال فيكون بحكمه يصرفه الحال ولا تدبير له في نفسه ما دام في ذلك فإن استمر عليه إلى آخر عمره فذلك المسمى في هذه الطريقة بالجنون كأبي عقال المغربي ومنهم من يمسك عقله هناك ويبقى عليه عقل حيوانيته فيأكل ويشرب ويتصرف من غير تدبير ولا روية فهؤلاء يسمون عقلاء المجانين لتناولهم العيش الطبيعي كسائر الحيوانات وأما مثل أبي عقال فمجنون مأخوذ عنه بالكلية ولهذا ما أكل وما شرب من حين أخذ إلى أن مات وذلك في مدة أربع سنين بمكة فهو مججنون أي مستور مطلق عن عالم حسه ومنهم من لا يدوم له حكم ذلك الوارد فيزول عنه الحال فيرجع إى الناس بعقله فيدبر أمره ويعقل ما يقول ويقال له ويتصرف عن تدبير وروية مثل كل إنسان وذلك هو النبي وأصحاب الأحوال من الأولياء ومنهم من تيكون وارده وتجليه مساويا لقوته فلا يرى عليه أثر من ذلك حاكم لكن يشعر عندما يبصران ثم أمرا ما طرأ عليه شعورا خفيا فإنه لا بد لهذا أن يصغي إليه أي إلى ذلك الوارد حتى يأخذ عنه ما جاءه به من عند الحق فحاله كحال جليسك الذي يكون معك في حديث فيأتي شخص آخر في أمر من عند الملك إليه فيترك الحديث معك ويصغي إلى ما يقول له ذلك الشخص فإذا أوصل إليه ما عنده رجع إليك فحادثك فلو لم تبصره عينك ورأيته يصغي إلى أمر شعرت أن ثم أمرا شغله عنك في ذلك كرجل يحدثك فأخذته فكرة في أمر فصرف حسه إليه في خياله فجمدت عينه ونظره وأنت تحدثه فتنظر إليه غير قابل حديثك فتشعر أن باطنه متفكر في أمر آخر خلاف ما أنت عليه ومنهمم من تكون قوته أقوى من الوارد فإذا أتاه الوارد وهو معك في حديث لم تشعر به وهو يأخذ من الوارد ما يلقى إليه ويأخذ عنك ما تحدثه به أو يحدثك به وما ثم أمر رابع في واردات الحق على قلوب أهل هذه الطريقة وهي مسئلة غلط فيها بعض أهل الطريق في الفرق بين النبي والولي فقالوا الأنبياء يصرفون الأحوال والأولياء تصرفهم الأحوال فالأنبياء ما لكون أحوالهم والأولياء مملوكون لا حوالهم والأمر إنما هو كما فصلناه لك وقد بينا لك لماذا يرد الرسول ويحفظ عليه عقله مع كونه يؤخذ ولا بد عن حسه في وقت وارد الحق على قلبه بالوحي المنزل فافهم ذلك وتحققه وقد لقينا جماعة منهم وعاشرناهم واقتبسنا من فوائدهم ولقد كنت واقفا نعلى واحد منهم والناس قد اجتمعوا عليه وهو ينظر إليهم وهو يقول لهم أطيعوا الله يا مساكين فإنكم من طين خلقتم وأخاف عليكم أن تطبخ النار هذه الأواني فتردها فخارا فهل رأيتم قط آنية من طين تكون فخارا من غير أن تطبخها نار يا مساكين لا يغرنكم إبليس بكونه يدخل النار معكم وتقولون نه يقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين إبليس خلقه الله من نار فهو يرجع إلى أصله وأنتم من طين تتحكم النار تفي مفاصلكم يا مساكين انظروا إلى إشارة الحق في خطابه لإبليس بقوله لأملأن جهنم منك وهنا قف ولا تقرأ ما بعدها فقال له جهنم منك وهو قوله خلق الجان من مارج من نار فمن دخل بيته وجاء إلى داره واجتمع بأهله ما هو مثل الغريب الوارد عليه فهو رجع إلى مابه افتخر قال أنا خير منه خلقتني من نار فسروره رجوعه إلى أصله وأنتم يا مناحيس تتفخر بالنار طينتكم فلا تسمعوا من إبليس ولا تطيعوا واهربوا إلى محل النور تسعدوا يا مساكين أنتم عمى ما تبصرون الذي تأبصره أ ، ا تقولون سقف هذا المسجد ما يمسكه إلا هذه الأسسطوانات أنتم تبصرونها إسطوانات من رخام وأنا أبصرها رجالا يذكرون الله ويمجدونه بالرجال تقوم السموات فكيف هذا المسجد ما أدري إما أنا هو الأعمى لا أبصر الإسطوانات حجارة وإما أنتم هم العمي لا تبصرون هذه الإسطوانات رجالا والله يا إخوتي ما أدري لا والله أنتم هم العمي ثم استشهدني دون الجماعة فقال يا شاب ألست أقول الحق قلت بلى ثم جلست إلى جانبه فجعل يضحك وقال يا ناس الأستاهه المنتنة تصفر بعضها البعض وهذا الشاب منتن مثلي هذه المناسبة جعلته يجلس إى جانبي ويصدقني أنتم الساعة تحسبونه عاقلا وأنا مجنون هو أجن مني بكثير وإنما أنتم كما أعماكم الله عن رؤية هذه الإسطواانات رجالا أعماكم أيضا عن جنون هذا الشاب ثم أخذ بيدي وقال قم امش بنا عن هؤلاء فخرجت معه فلما فارق الناس ترك يدي من يده وانصرف عني وهو من أكبر من لقيته من المعتوهين كنت إذا سألته ماالذي ذهب بعقلك يقول لي أنت هو المجنون حقا ولو كان لي عقل كنت تقول لي ماالذي ذهب بعقلك أين عقلي حتى يخاطبك قد أخذه معهه ما أدري ما يفعل به وتركني هنا في جملة الدواب آكل وأشرب وهو يدبرني قلت له فمن يركبك إذا كنت دابة قال أنا دابة قال أنا دابة وحشية لا أركب ففهمت أنه يريد خروجه عن عالم الإنس وإنه في مفاوز المعرفة تنفلا حكم للإنس عليه وكذلك كان محفوظ من أذى الصبيان وغيرهم كثير السكوت مبهوتا دائم الأعتبار يلازم المسجد ويصلي في أوقات فربما كنت تأسأله عند ما أراه يصلي أقول له أراك تصلي يقول لي لا والله إنما أراه يقيمني ويقعدني ما أدري ما يريد بي أقول له فهل تنوي في صلاتك هذه أداء ما افترض الله عليك فيقول لي أي شيء تكون النية أقول له القصد بهذه الأعمال القربة إليه فيضحك ويقول أنا أقول له أراه يقيمني ويقعدني فكيف أنوي القربة إلى من هو معي وأنا أشهده ولا يغيب عني هذا كلام المجانين ما عندكم عقول ثم لتعلم أن هؤلاء البهاليل كبهلول وسعدون من المتقدمين وأبي وهب الفاضل وأمثالهم منهم المسرور ومنهم المحزون وهم في ذلك بحسب الوارد الأول الذي ذهب بعقولهم فإن كان وارد قهر قبضهم كيعقوب الكوراني كان بالجسر الأبيض رأيته وكان على هذا القدم وكذلك مسعود الحبشي رأيته بدمشق ممتزجا بين القبض والبسط الغالب عليه البهت وإن كان نوارد لطف بسطهم رأيت من هذا الصنف جماعة كأبي الحجاج الغليري وأبي الحسن علي السلاوي والناس لا يعرفون ما ذهب بعقولهم شغلهم ما تجلى له عن تدبير نفوسهم فسخر الله لهم الخلق فهم مشتغلون بمصالحهم عن طيب نفس فأشهى ما إلى الناس أن يأكل واحد من هؤلاء عنده أو يقبل منه ثوبا تسخير إلهيا فجمع الله نلهم بين الراحتين حيث يأكلون ما يشتهون ولا يحاسبون ولا يسئلون وجعل لهم القبول في قلوب الخلق والمحبة والعطف عليهم واستراحوا من التكليف ولهم عند الله أجر من أحسن عملا في مدة أعمارهم التي ذهبت بغير عمل لأنه سبحانه هو الذي أخذهم إليه فحفظ عليهم نتائج الأعمال التي لو لم يذهب بعقولهم لعملوها من الخير كمن بات نائما على وضوء وفي نفسه أن يقوم من الليل يصلي فيأخذ الله بروحه فينام حتى يصبح فإن الله يكتب له أجر من قام ليله لأنه الذي حبسه عنده في حال نومه فالمخاطب بالتكليف منهم وهو روحهم غائب في شهود الحق الذي ظهر سلطانه فيهم فيما لهم أذن واعية لحفظ السماع من خارج وتعقل ما جاء به ولقد ذقت هذا المقام ومر علي وقت أؤدي فيه الصلوات الخمس إما ما بالجماعة على ما قيل لي بإتمام الركوع والسجود وجميع أحوال الصلاة من أفعال وأقوال وأنا في هذا كله لا علم لي بذلك لا بالجماعة ولا بالمحل ولا بالحال ولا بشيء من عالم الحس لشهود غلب علي غبت فيه عني وعن غيري وأخبرت أني كنت إذا دخل وقت الصلاة أقيم الصلاة وأصلي بالناس فكان حالي كالحركات الاقعة من النائم ولا علم له بذلك فعلمت أن الله حفظ علي وقتي ولم يجر على لساني ذنب كما فعل بالشبلي في ولهه لكنه كان الشبلي برد في أوقات الصلوات على ما روى عنه فلا أدري هل كان يعقل رده أو كان مثل ما كنت فيه فإن الراوي ما فصل فلما قيل للجنيد عنه قال الحمد لله الذي لم يجر عليه لسان ذنب إلا أني كنت في أوقات في حال غيبتي أشاهد ذاتي في النور الأعم والتجلي الأعظم بالعرش العظيم يصلي بها وأنا عري عن الحركة بمعزل عن نفسي وأشاهدها بين يديه راكعة وساجدة وأنا أعلم أني أنا ذلك الراكع والساجد كرؤية النائم واليد في ناصيتي وكنت أتعجب من ذلك واعلم أن ذلك ليس غيريي ولا هو أنا ومن هناك عرفت المكلف والتكليف والمكلف اسم فاعل تواسم مفعول فقد أبنت لك حالة المأخوذين عنهم من المجانين الإلهيين إبانة ذائق بشهود حاصل والله يقول الحق وهو يهدي السبيل
الباب الخامس والأربعون في معرفة من عاد بعد ما وصل ومن جعله يعود
وجودك عن تدبي أمر محقق . . . وتفصيل آيات لو أنك تعقل
فيا أيها الإنسان ما غر ذاتكم . . . برب يرى الأشياء تعلو وتسفل
فإن كنت ذا عقل وفهم وفطنة . . . علمت الذي قد كنت بالأمس تجهل
وذلك إن تدري بأنك قابل . . . لقرب وبعد بالذي أنت تعمل
فخف رب تدبير وتفصيل مجمل . . . فذاك الذي بالعبد أولى وأجمل
إذا كان هذا حالك اليوم دائبا . . . لعل بشارات بسعدك تحصل
فإن جلال الحق يعظم قدره . . . وفي الخلق يقضي ما يشاء ويفصل
إذا أخذ المولى قلوب عباده . . . إليه ويقضي ما يشاء ويفصل
فمن شاء أبقاه لديه مكرما . . . ورد الذي قد شا لما كان يأمل
وذاك نبي أو رسول ووارث . . . وما ثم إلا هؤلاء فاجملوا
ولم يبق إلا واحد وهو وارث . . . والإثنان قد راحا فمالك تعدل
Страница 318