Мекканские откровения
الفتوحات المكية في معرفة الاسرار الملكية
Издатель
دار إحياء التراث العربي
Номер издания
الأولى
Год публикации
1418هـ- 1998م
Место издания
لبنان
فلا حكم عليه بكل وجه . . . ولا تأثير فيه للعلو اعلم أيدك الله بروح منه أن الله تعالى يقول لأبليس ' اسجد لآدم ' فظهر الأمر فيه وقال لآدم وحواء ' لا تقربا هذه الشجرة ' فظهر النهي فيهما والتكليف مقسم بين أمر ونهي وهما محمولان على الوجوب حتى تخرجهما عن مقام الوجوب قرينة حال وإن كان مذهبنا فيهما التوقيف فتعين امتثال الأمر والنهي وهذا أول أمر ظهر في العالم الطبيعي وأول نهي وقد أعلمناك أن الخاطر الأول وإن جميع الأوليات لا تكون إلا ربانية ولهذا تصدق ولا تخطىء أبدا ويقطع به صاحبه فسلطانه قوي ولما كان هذا أول أمر ونهي لذلك وقعت العقوبة عند المخالفة ولم يمهل فإذا جاءت الأوامر بالوسائط لم تقو قوة الأول وهي الأوامر الواردة إلينا على ألسنة الرسل وهي على قسمين إما ثوان وهو ما يلقي الله إلى نبيه في نفسه من غير واسطة الملك فيصل إلينا الأمر الإلهي وقد جاز على حضرة كونية فاكتسب منها حالة لم يكن عليها فإن الأسماء الإلهية تلقته في هذه الحضرة الكونية فشاركته بأحكامها في حكمه وإما أن ينزل عليه بذلك الأمر الملك فيكون الأمر الإلهي قد جاز على حضرتين من الكون جبريل وأي ملك كان وأي نبي كان فيكون فعله وأثره في القوة دون الأول والثاني فلذلك لم تقع المؤاخذة معجلة فإما إمهال إلى الآخرة وإما غفران فلا يؤاخذ بذلك أبدا وفعل الله ذلك رحمة بعباده كما أنه تعالى خص النهي بآدم وحواء والنهي ليس بتكليف عملي فإنه يتضمن أمرا عدميا وهو لا تفعل ومن حقيقة الممكن أنه لا يفعل فكأنه قيل له لا تفارق أصلك والأمر ليس كذلك فإنه يتضمن أمرا وجوديا وهو أن يفعل فكأنه قيل له أخرج عن أصلك فالأمر أشق على النفس من النهي إذ كلف الخروج عن أصله فلو أن إبليس لما عصى ولم يسجد لم يقل ما قال من التكبر والفضلية التي نسبها إلى نفسه على غيره فخرج عن عبوديته بقدر ذلك فحلت به عقوبة الله وكانت العقوبة لآدم وحواء لما تكلفا الخروج عن أصلهما وهو الترك وهو أمر عدمي بالأكل وهو أمر وجودي فشرك الله بين إبليس وآدم وحواء في ضمير واحد وهو كان أشد العقوبة على آدم فقيل لهم اهبطوا بضمير الجماعة ولم يكن الهبوط عقوبة لآدم وحواء وإنما كان عقوبة لإبليس فإن آدم أهبط لصدق الوعد بأن يجعل في الأرض خليفة بعد ما تاب عليه واجتباه وتلقى الكلمات من ربه بالاعتراف فاعترافه عليه السلام في مقابلة كلام إبليس أنا خير منه فعرفنا الحق بمقام الاعتراف عند الله وما ينتجه من السعادة لتتخذه طريقا في مخالفتنا وعرفنا بدعوى إبليس ومقالته لنحذر من مثلها عند مخالفتنا وأهبطت حواء للتناسل وأهبط إبليس للإغواء فكان هبوط آدم وحواء هبوط كرامة وهبوط إبليس هبوط خذلان وعقوبة واكتساب أوزار فإن معصيته كانت لا تقتضي تأبيد الشقاء فإنه لم يشرك بل افتخر بما خلقه الله عليه وكتبه شقيا ودار الشقاء مخصوصة بأهل الشرك فأنزله الله إلى الأرض ليسن الشرك بالوسوسة في قلوب العباد فإذا أشركوا وتبرأ إبليس من المشرك ومن الشرك لم ينفعه تبريه منه فإنه هو الذي قال له اكفر كما أخبر الله تعالى فحار عليه وزر كل مشرك في العالم وإن كان موحدا فإنه من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها فإن الشخص الطبيعي كأبليس وبني آدم لابد أن يتصور في نفسه مثال ما يريد أن يبرزه فما سن الشرك ووسوس به حتى تصوره في نفسه على الصورة التي إذا حصلت في نفس المشرك زالت عنه صورة التوحيد فإذا تصورها في نفسه بهذه الصورة فقد خرج التوحيد عن تصوره في نفسه ضرورة فإن الشريك متصورة له في نفسه إلى جانب الحق الذي في نفسه متخيلا أعني من العلم بوجود فمتركه في نفسه وحده فكان إبليس مشركا في نفسه بلا شك ولا ريب ولابد أن يحفظ في نفسه بقاء صورة الشريك ليمد بها المشركين مع الأنفاس فإنه خائف منهم أن تزول عنهم صفة الشرك فيوحدوا الله فيسعدوا فلا يزال إبليس يحفظ صورة الشرك في نفسه ويراقب بها قلوب المشركين الكائنين في الوقت شرقا وغربا وجنوبا وشمالا ويرد بها الموحدين في المستقبل إلى الشرك ممن ليس بمشرك فلا ينفك إبليس دائما على الشرك فبذلك أشقاه الله لأنه لا يقدر أن يتصور التوحيد نفسا واحدا لملازمته هذه الصفة وحرصه على بقائها في نفس المشرك فإنها لو ذهبت من نفسه لم يجد المشرك من يحدثه في نفسه بالشرك فيذهب الشرك عنه ويكون إبليس لا يتصور الشريك لأنه قد زالت عن نفسه صورة الشريك فيكون لا يعلم أن ذلك المشرك قد زال عن إشراكه فدل أن الشريك يستصحب إبليس دائما فهو أول مشرك بالله وأول من سن الشرك وهو أشقى العالمين فلذلك يطمع في الرحمة من عين المنة ولهذا قلنا أن العقوبة في حق آدم إنما كانت في جمعه مع إبليس في الضمير حيث خاطبهم الحق بالهبوط بالكلام الذي يليق بجلاله ولكن لا بد أن يكون في الكلام الصفة التي يقتضيها لفظ الضمير فإن صورة اللفظ يطلب المعنى الخاص وهذه طريقة لم نجعل العلماء بالها من ذلك وإنما ذكرنا مسئلة آدم تأنيسا لأهل الله تعالى إذا زالوا فحطوا عن مقامهم إن ذلك الأنحطاط لا يقضي بشقائهم ولا بد بل يكون هبوطهم كهبوط آدم فإن الله لا يتحيزوا ولا يتقيدوا إذا الأمر على هذا الحد وكان الله بهذه الصفة من عدم التقييد فيكون عين هبوط الولي عند الزلة وما قام به من نالذلة والحياء والأنكسار فيها عين الترقي إلى أعلى مما كان فيه لأن علوه بالمعرفة والحال وقد يزيد من العلم بالله ما لم يكن عنده ومن الحال وهو الذلة والأنكسار ما لم يكن عليهما وهذا هو نعين الترقي إلى مقام أشرف فإذا فقد الإنسان هذه الحالة في زلته ولم يندم ولا أنكسر ولا ذل ولا خاف مقام ربه فليس من أهل هذه الطريقة بل ذلك جليس إبليس بل إبليس أحسن حالا منه لأنه يقول لمن يطيعه في الكفر إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين ونحن إنما نتكلم على زلات أهل الله إذا وقعت منهم قال تعالى ولم يصروا على ما فعلوا وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الندم توبة وإنما الإنسان الولي إذا كان في المقام الذي كان والحال التي كان عليها ملتذا بها فلذته إنما كانت بحاله فإن الله تعالى أن يلتذ به فلما زل وعرته حالة الذلة والانكسار زالت ضرورة الحالة التي كان يلتذ بوجودها وهي حالة الطاعة والموافقة فلما فقدها تخيل إنه إنحط من عين الله وإنما تلك الحالة لما زالت عنه إنحط عنها إذ كانت حالة تقتضى الرفعة وهو الآن في معراج الذلة والندم والأفتقار والأنكسار والأعتراف والأدب مع الله تعالى والحياء منه فهو يترقى في هذا المعراج فيجد هذا العبد في غاية هذا المعراج حالة أشرف من الحالة التي كان عليها فعند ذلك يعلم أنه ما انحط وأنه ترقى من حيث لا يشعر أنه في ترق وأخفى الله ذلك عن أوليائه لئلا يجترؤا عليه في المخالفات كما أخفى الأستدراج فيمن أشقاه الله فقال سنستدرجهم من حيث لا يعلمون فهم كما قال الله تعالى فيهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا كذلك أخفى سبحانه تقريبه وعنايته فيمن أسعده الله بما شغله الله به من البكاء على ذنبه ومشاهدته زلته ونظرة إليها في كتابه وذهل عن أن ذلك الندم يعطيه الترقي عند الله فإنه بشره بقبول التوبة فهو متحقق وقوع الزلة حاكم عليه الإنكسار والحياء مما وقع فيه وإن لم يؤاخذه الله بذلك لذنب فكان الأستدراج حاصلا في الخير والشر وفي السعداء والأشقياء ولقيت بمدينة فاس رجلا عليه كآبة كأنه يخدم في الأتون فسألت أبا العباس الحصار وكان من كبار الشيوخ عنه فإني رأيته يجالسه ويحن إليه فقال لي هذا رجل كان في مقام فانحط عنه فكان في هذا المقام وكان من الحياء والإنكسار بحالة أوجبت عليه السكوت عن كلام الخلق فما زلت ألاطفه بمثل هذه الأدوية وأزيل عنه مرض تلك الزلة بمثل هذا العلاج وكان قد مكنني من نفسه فلم أزل به حتى سرى ذلك الدواء في أعضائه فاطلق محياه وفتح له في عين قلبه باب إلى قبوله ومع هذا فكان الحياء يستلزمه وكذلك ينبغي أن تكون زلات الكابر غالبا نزولهم إلى المباحات لا غير وفي حكم النادر تقع منهم الكيائر قيل لأبي يزيد البسطامي رضي الله عنه أيعصي العارف فقال وكان أمر الله قدر مقدورا يريدان معصيتهم بحكم القدر النافذ غفيهم لا أنهم يقصدون انتهاك حرمات الله هم بحمد الله إذا كانوا أولياء عند الله تعالى وجل معصومون في هذا المقام فلا تصدر منهم معصية أصلا إنتهاكا لحرمة الله كمعاصي الغير فإن الإيمان المكتوب في القلوب يمنع من ذلك فمنهم من يعصي غفلة ومنهم من يخالف على حضور عن كشف إلهي فد عرفه الله فيه ما قدره عليه قبل وقوعه فهو على بصيرة من أمره وبينة من ربه وهذه الحالة بمنزلة من يلقى في النار ولا يحترق كإبراهيم عليه السلام فكان في النار ولا حكم لها فيه بالحجاب الذي هو المانع كذلك زلة العارف صاحب مقام الكشف للأقدار تحل به النازلة وخكمها بمعزل عنها فلا تؤثر في مقامه بخلاف من تحل فيه وهو على غير بينة ولا بصيرة بما قدر عليه فهذا يستلزمه الحياء والندم والذلة وذلك ليس كذلك وهنا أسرار إلهية لا يسعنا التعبير عنها وبعد أن فهمناك مراتبهم في هذا المقام وفرقنا لك بيين معصية العارفين وبين معاصي العامة من علماء الرسوم ومقلديهم فاعلم أنه حكى عن بعضهم أنه قال اقعد على البساط يريد بساط العبادة وإياك والأنبساط أي التزم ما تعطيه حقيقة العبودة من حيث أنها مكلفة بأمور حدها له سيدها فإنه لولا تلك الأمور لأقتضى مقامها إلا دلال والفخر والزهو من أجل مقام من هو عبد له ومنزلته كما زها يوما عتبة الغلام وافتخر فقيل له ما هذا الزهو الذي نراه في شمائلك مما لم يكن يعرف قبل ذلك منك فقال وكيف لا أزهو وقد أصبح لي مولى وأصبحت له عبدا فما قبض العبيد من الإدلال وأن يكونوا في الدنيا مثل ماهم في الآخرة إلا التكليف فهم في شغل بأوامر سيدهم إلى أن يفرغوا منها فإذا لم يبق لهم شغل قاموا في مقام الإدلال الذي تقتضيه العبودية وذلك لا يكون إلا في الدار الآخرة فإن التكليف لهم مع الأنفاس في الدار الدنيا فكل صاحب إدلال في هذه الدار فقد نقص من المعرفة بالله على قدر إدلاله ، ولا يبلغ درجة غيره ممن ليس له إدلال أبدا فإنه فاتته أنفاس كثيرة في حال إدلاله غاب عما يجب عليه فيها من التكليف الذي يناقض الاشتغال به الإدلال فليست الدنيا بدار إدلال ، ألا ترى عبد القادر الجيلي مع إدلاله لما حضرته الوفاة وبقي عليه تمن أنفاسه في هذه الدار ذلك القدر الزماني وضع خده في الأرض واعترف بأن الذي هو فيه الآن هو الحق الذي ينبغي أن يكون العبد عليه في هذه الدار وسبب ذلك أنه كان في أوقات صاحب إدلال لما كان الحق يعرفه به من حوادث الأكوان وعصم الله أبا تالسعود تلميذه من ذلك الإدلال فلازم العبودية المكلفة مع الأنفاس إلى حين موته فما حكى أنه تغير عليه الحال عند مةته كما تغير على شيخه عبد القادر وحكى لنا الثقة عندنا قال سمعته يقول طريق عبد القادر في طرق الأولياء غريب وطريقنا في طرق عبد القادر غريب رضي الله عن جميعهم ونفعنا بهم والله يعصمنا من المخالفات وإن كانت قدرت علينا فالله أسأل أن يجعلنا في إرتكابها على بصيرة حتى يكون نلنا بها ارتقاء درجات والله يقول الحق وهو يهدي السبيله
الباب الأربعون في معرفة منزل مجاور لعلم جزئي من علوم الكون وترتيبه
وغراائبه وأقطابه
نظم يتضمن ما ترجمنا عليه :
مجاور علم الكون علم إلهي . . . يقول الذي يعطاه كشف حقيقي وما هو علم البرازخ خالص . . . وما هو علوي وما هو سفلي
له في العلى وجه غريب محقق . . . وفي السفل وجه بالحقائق علوي
وليس الذي يدريه ملك مخلص . . . ولا هو جني ولا هو إنسي
ولكنها الأعيان لما تألفت . . . بدالك شكل مستفاد كيابي
فقل فيه ما تهواء يقبله أصله . . . فلست تراه وهو للعين مرئي
فما هو محكوم وليس بحاكم . . . فما هو غيبي وما هو حسي
تنزه عن حصر الجهات ضياؤه . . . فلا هو شرقي ولا هو غربي
فسبحان من أخفى عن العين ذاته . . . ويسري مثال منه فينا اتصالي
نراه إذا كنا وما هو عينه . . . ولكنه كشف صحيح خيالي
Страница 299