293

قال: وسار قيس بن هبيرة على مقدمة المسلمين حتى وافى قرماسين وبها يومئذ قائدان عظيمان من قواد الأعاجم، أحدهما شادوه بن آزاد مرد الذي هرب من حلوان، والآخر مهرويه بن خسروان فهما جميعا في عشرين ألفا من الفرس، فلما أن علما أن خيل المسلمين قد شارفت أرض قرماسين خرجا هاربين عنها حتى نزلا بموضع يقال له ماذران[ (1) ]، ودخل قيس بن هبيرة إلى قرماسين فنزلها، قال: وكانت قرماسين مصلحة للفرس ومنتزها لكسرى[ (2) ]، قال: وسار النعمان بن مقرن من حلوان حتى نزل قرماسين، وبلغ ذلك الفرس ممن كان خارجا عن أرض نهاوند فامتلأت قلوبهم خوفا ورعبا، ثم إنهم تفلتوا من جميع المواضع حتى صاروا إلى نهاوند فاحتشدوا بها، ثم إنهم اجتمعوا وتحالفوا وتعاقدوا على أنهم لا يفرون أبدا دون أن يبيدوا العرب عن آخرهم.

قال: وسار النعمان بن مقرن في جميع المسلمينحتى نزل بأرض ماذران، ثم دعا بهذين الرجلين بكير بن شداخ الليثي وطليحة بن خويلد الأسدي[ (3) ]فأرسلهما جميعا نحو أرض نهاوند وأمرهما أن يتجسسا الأخبار عن الفرس، فمضيا جميعا، فأما بكير بن شداخ فإنه رجع إلى المسلمين، وأما طليحة بن خويلد فإنه مضى نحوه حتى تقارب من أرض نهاوند[ (4) ]وتعرف أخبار الفرس ثم رجع، فلما دخل العسكر كبر المسلمون من كل ناحية، فقال طليحة: ما هذا التكبير؟فقالوا: إنك قد أبطأت علينا فظننا والله أنك قد رغبت عن دين الإسلام وصرت إلى دين هؤلاء الأعاجم[ (5) ]، قال: فغضب طليحة بن خويلد من ذلك ثم قال: سبحان الله العظيم!أو يحسن هذا بمثلي؟والله!أن لو لم يكن لي دين أعتمد عليه إلا أني عربي فقط لما كنت بالذي [ (1) ]عن معجم البلدان، وبالأصل «ماردان» وبين ماذران وهمذان مرحلة وبينها وبين الدينور أربعة فراسخ. وقد صححت أينما وقعت في الخبر.

[ (2) ]قال ياقوت في قرميسين: لم يجد (قباذ) فيما بين المدائن إلى بلخ بقعة على الجادة أنزه ولا أعذب ماء ولا نسيما من قرميسين، فأنشأ قرميسين وبنى لنفسه بها بناء معتمدا على ألف كرم وبها قصر شيرين والطاق.

[ (3) ]في الطبري 4/232 وابن الأثير 2/182 والبداية والنهاية 7/123 أرسل النعمان طليحة بن خويلد وعمرو بن معدي كرب وعمرو بن أبي سلمى وهو ابن ثنى.

[ (4) ]وكان بين موضع المسلمين الذي هم به ونهاوند بضعة وعشرون فرسخا.

[ (5) ]وكان طليحة ممن ارتد بعد وفاة رسول الله (ص) ، ثم راجع الإسلام وحسن إسلامه.

Страница 298