أبي سفيان وربيعة بن عامر قال قد اجتمعا بعساكر الروم في ارض تبوك مع البطاليق وهزمهم الله تعالى على أيدينا وكان جملة من قتل منهم الفا ومائتين ومن قتل من المسلمين مائة وعشرين رجلا قال: وأن القوم لما انهزموا قال لهم جرجيس: وهو أخو المقتول: يا ويلكم بأي وجه ترجعون إلى الملك وقد عملوا فينا عملا ذريعا وملئوا الأرض من قتلانا ولا ارجع حتى أخذ بثأر أخي أو الحق به قال: واجتمع القوم وسمعوا منه ذلك ورجع بعضهم إلى بعض وعادوا إلى القتال فلما استقروا في خيامهم بعثوا رجلا من العرب المنتصرة اسمه القداح وقالوا له: امضي إلى بني عمك وقل لهم يبعثوا لنا رجلا من كبارهم وعقلائهم حتى ننظر ما يريدون منا قال فركب القداح جواده واقبل نحو جيش المسلمين فلما رأوه مقبلا إليهم استقبله رجال من الأوس وقالوا له: ماذا تريد قال لهم: أن البطارقة يريدون رجالا من عقلائكم ليخاطبوهم فيما يريد الله من صلاح شأن الجمعين قال فأخبروا يزيد بن ربيعة بما قال المتنصر فقال ربيعة بن عامر أنا أسير إلى القوم.
فقال يزيد: يا ربيعة أنا أخاف عليك من القوم لانك قد قتلت كبيرهم بالأمس فقال ربيعة ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [التوبة:٥١] وإني أوصيك والمسلمين أن تكون همتكم عندي فإذا رأيتم القوم غدروا بي فاحملوا عليهم ثم ركب جواده وسار حتى أتى جيش الروم وقرب من سرداق أميرهم فقال القداح عظم جيش الملك وانزل عن جوادك فقال ربيعة ﵁ ما كنت بالذي انتقل من العز إلى الذل ولست أسلم جوادي لغيري وما أنا بنازل إلا على باب السرداق وإلا رجعت من حيث جئت لاننا ما بعثنا إليكم بل انتم بعثتم إلينا قال فأعلم القداح الروم بما تكلم به ربيعة بن عامر فقال بعضهم لبعض صدق العربي في قوله دعوه ينزل حيث أراد قال فنزل ربيعة على باب السرداق وجثا على ركبته وأمسك عنان جواده بيده وسلاحه فقال له جرجيس: يا أخا العرب لم تكن أمة أضعف منكم عندنا وما كنا نحدث أنفسنا إنكم تغزوننا وما الذي تريدون منا فقال ربيعة نريد منكم أن تدخلوا في ديننا وأن تقولوا بقولنا وأن أبيتم تعطونا الجزية عن يد وانتم صاغرون وإلا فالسيف بيننا وبينكم فقال جرجيس فما منعكم أن تقصدوا الفرس وتدعون الصداقة بيننا وبينكم فقال ربيعة بدأنا بكم لانكم اقرب إلينا من الفرس وأن الله تعالى أمرنا في كتابه بذلك قال الله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً﴾ [التوبة: ١٢٣] قال جرجيس فهل لك أن تعقد الصلح بيننا وبينكم وأن نعطي كل رجل منكم دينارا من ذهب وعشرة أوسق من الطعام وتكتبوا بيننا وبينكم كتاب الصلح لا تغزون إلينا ولا نغزوا إليكم قال ربيعة لا سبيل إلى ذلك وما بيننا وبينكم إلا السيف أو اداء الجزية أو الإسلام قال جرجيس أما ما ذكرت من دخولنا في دينكم فلا.
1 / 10