إن مرآتك غامت دنسا
صدأ الطبع عليها طمسا
12
الديوان
وأما الديوان الذي سماه ديوان شمس تبريز وعرف باسم ديوان شمس الدين التبريزي ففن آخر من النظام، هو قصائد متفرقة، كل واحدة مستقلة عن الأخريات، أعني أنها نظمت للإبانة عما جال في ضمير الشاعر حين نظمها، واختير لها وزن خاص وقافية، ولم يرد أن تكون مقدمة لمنظومة أخرى أو مكملة لها، وإن كانت المعاني متشابهة متقاربة أو متماثلة، وهي فيض في العشق والفناء وغيرها من المطالب العالية في نحو ستة وأربعين ألف بيت.
الفرق بين المثنوي والديوان أن الأول منظومة واحدة في وزن واحد وضرب واحد من التقفية، وفيها تعليم بين تفسير آية وشرح قصة وضرب مثل، وإن كان هذا كله متصلا بمقصده الأخير: حب الله والفناء فيه، فجلال الدين في المثنوي أستاذ معلم مختلف الأساليب، يخاطب وينصح ويعظ، وينتقل بتلاميذه من فن إلى آخر، ويغلبه الوجد بين الحين والحين فيرتمي في البحر الذي لا يعرف سابحه أو غريقه ساحلا.
وأما الديوان فهو كما أسلفنا قصائد قصيرة يغلب فيها فورة الشعر وخياله، فهو من هذه الناحية أعلى من المثنوي وأدق، وأدخل في الشعر.
ويكثر فيه الرمز، ويجود فيه التصوير، ويعنى كذلك بالصناعة اللفظية أحيانا، ويردف القافية ويلتزم ما لا يلزم.
على حين يظهر في المثنوي كثيرا أثر الإملاء المرتجل والثورة التي لا تتريث للترتيب والإحكام.
13
Неизвестная страница