عن النبي صلى الله عليه وآله على أنها شرعية عنده والقيد الأخير لاخراج أحكامه العادية فإن الشرع كما يطلق عليه تعالى كذلك يطلق على النبي صلى الله عليه وآله أيضا ويلغى قيد الحيثية المستفادة من الوصف مقيسة إلى الواقع لئلا يعود الاشكال أو نقول المراد بالشرعية ما يسمى عرفا شرعية أو نقول نظرية القيد لا يستلزم نظرية المقيد وكيف كان فلا ريب في أن من الاحكام بهذا الاعتبار ما هو ضروري لا حاجة إلى اعتبار كونها حقة مستفادة من الوحي لأنها من لوازمها إذا أخذت الاعتبارين الأولين نعم يشكل حينئذ بأن العلم بالأحكام بهذا الاعتبار مما يصح حصوله لمن لا يقول بالرسالة حتى العلم بالظاهرية منها إذا علم من الضرورة حكم الرسول صلى الله عليه وآله بأصولها وطرقها مع أن مثل هذا لا يسمى فقها في الاصطلاح اللهم إلا أن يقال هذا فرض لا يكاد يقع والحدود التي تورد في مثل هذا المقام إنما يحافظ عليها بحسب الوقوع دون الامكان أو يقال بأن المراد بالعلم ما يعتد به في إطلاق اسم العلم عليه عرفا كما سيأتي فيخرج العلم المذكور لعدم إطلاق الاسم عليه وأما ثالثا فلنا أن نجعل إضافة الأدلة للعهد فيصح الاحتراز بها عن العلم بتلك الاحكام لأنها على تقدير كونها نظرية لا يكون العلم بها مستفادا عن تلك الأدلة بل عن أدلة غيرها وهذا أوفق بالمقام لسلامة عكس الحد على تقديره من خروج العلم بالمسائل الاجماعية على ما يراه المتأخرون في الاجماع من أنه الانفاق الكاشف بطريق الحدس ومن خروج علم بعض رواتنا الفقهاء كزرارة لكثير من الاحكام بطريق السماع المفيد للعلم بالحكم بطريق الضرورة غالبا هذا وينبغي أن يراد بالأدلة ما يعم الأدلة الأربعة وغيرها لئلا يرد على عكسه النقض بعلم البعض لبعض الاحكام عن مثل الشهرة والقياس فإنه يعد بالنسبة إليها فقيها قطعا ولا يندفع برجوع حجيتهما إلى أحد الأدلة لان ذلك دليل الدليل والمعتبر هو الدليل وإلا لانحصرت في العقل لرجوع حجية غيره إليه ولا يرد على طرده النقض بعدم علم كثير منهم لشئ من الاحكام عن بعضها إما لعدم مسيس حاجته إليه أو لكونه ممن ينكره كمن يمنع وقوع الاجماع أو الاطلاع عليه أو ينكر حجيته كمن يمنع حجية الكتاب أو العقل وذلك لتحقق الملكة عنده بناء على تفسير العلم بها أو بما يعمها ويخرج بقيد التفصيلية علم المقلد بالأحكام فإنه مأخوذ من دليل إجمالي مركب من صغرى وجدانية وكبرى اتفاقية مطرد في جميع المسائل وهو هذا ما أفتى به المفتي وكل ما أفتى به المفتي فهو حكم الله في حقي فينتج المطلوب وهذا الاحتراز مبني على أن يكون الظرف لغوا متعلقا بالعلم أو بالأحكام أو مستقرا للعلم صفة له أو حالا عنه بناء على ما هو الظاهر المتبادر وأما إذا جعل مستقرا للأحكام أو لإحدى صفتيها فلا يتم الاحتراز وإن اعتبر قيد الحيثية إذ يصدق على علم المقلد أنه علم بالأحكام الشرعية الفرعية الحاصلة أو حال حصولها عن الأدلة عند المفتي من حيث كونها كذلك إلا أن يقال المتبادر حصوله عند العالم حال علمه بها فيخرج وفيه تعسف لا يقال اختلاف الأصغر بحسب اختلاف فتاوى المفتي في كل واقعة يوجب اختلاف الدليل وتعدده عنده فيكون للمقلد أيضا أدلة تفصيلية أو يقال علم المقلد أيضا مأخوذ عن الأدلة التفصيلية كعلم المفتي إلا أنه من دون واسطة وعلم المقلد بواسطة أو يقال هذا الدليل إنما يفيده وجوب العمل بمقتضى ما أفتى به المفتي و لا يقتضي علمه بالحكم الشرعي فلا حاجة إلى إخراجه بالقيد المذكور لأنا نقول أما الأول فمدفوع بأن مجرد هذا الاختلاف لا يقتضي أن يصدق عليها أنها أدلة تفصيلية بل لا معنى للدليل الاجمالي إلا ما يكون فيه مثل هذا الاختلاف وقد يجاوب بأن إضافة الأدلة للعهد و المراد بها الأدلة الأربعة فيخرج علم المقلد إذ ليس منها ويكون قيد التفصيلية حينئذ توضيحية أما الثاني فمدفوع بأن ظاهر الحد أن يكون العلم مستفادا من الأدلة بدون واسطة وأما الثالث فمدفوع بأن الدليل إذا اقتضى وجوب العمل بشئ في حق المكلف اقتضى علمه أيضا بأن ذلك حكم الله في حقه قطعا وقد أغرب الفاضل المعاصر حيث التزم بالاشكال الأخير ووجه الحد بأن قيد التفصيلية لاخراج العلم بالأحكام الاجمالية فإنها مستندة إلى الأدلة الاجمالية من ضرورة أو عموم آية أو سنة وهي أدلة إجمالية لا تفصيلية والعلم الاجمالي المستفاد منها لا يسمى فقها بل الفقه معرفة تلك الأحكام الاجمالية عن الأدلة التفصيلية ثم تعجب من غفلة الفحول عن ذلك وفساده ظاهر مما مر فإن العلم بالأحكام الاجمالية لا يسمى في الاصطلاح فقها قطعا مع أن العلم الاجمالي كما اعترف به مستند إلى الضرورة فكيف يستند إلى الأدلة الاجمالية أو التفصيلية وعد الضرورة من جملة الأدلة يؤذن بغفلته عما ذكروه في معنى الدليل مع أنه قد اعترف قبل ذلك به حيث التزم بخروج الضروريات عن حد الفقه معللا بأن العلم المستند إلى الضرورة لا يعد في العرف علما حاصلا عن الدليل وهنا قد التزم بدخولها في ذلك وأخرجها بقيد التفصيلية فبين كلاميه تدافع واضح هذا فإن قلت إذا كان علم المقلد مستفادا من دليل إجمالي لكان خارجا بقيد الأدلة فلا حاجة إلى قيد التفصيلية قلت لما كان الدليل المذكور كما مر ينحل إلى دلائل عديدة لم يكتفوا في إخراجه بقيد الأدلة بل اعتبروا معها قيد التفصيلية ليتضح الاحتراز ثم لهم على المقام إشكالان أحدهما أن العلم ظاهر في اليقين والاحكام ظاهرة في الاحكام الواقعية وظاهر أن الفقيه لا يحصل له في معظم المسائل إلا الظن بالحكم الواقعي فكيف أطلق لفظ العلم وهذا الاشكال ظاهر الورود على ما هو الصواب من القول بالتخطئة وأما على القول بالتصويب فإن كان القائلون به قاطعين بمذهبهم فلا ورود له عليهم وإلا اتجه
Страница 6