199

Фусул Фи Усул

الفصول في الأصول

Издатель

وزارة الأوقاف الكويتية

Номер издания

الثانية

Год публикации

1414 AH

Место издания

الكويت

[بَاب الْقَوْلُ فِي حُكْمِ التَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ إذَا عُلِّقَا بِمَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يَتَنَاوَلَاهُ فِي الْحَقِيقَةِ]
ِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ التَّحْلِيلَ وَالتَّحْرِيمَ إنَّمَا يَتَعَلَّقَانِ بِأَفْعَالِ الْمَأْمُورِينَ وَالْمَنْهِيِّينَ وَمَا لَمْ يَكُنْ فِعْلًا لَهُمْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَا بِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُؤْمَرَ أَحَدٌ بِفِعْلِ غَيْرِهِ وَلَا يُنْهَى عَنْ فِعْلِ غَيْرِهِ، وَإِذَا كَانَ (ذَلِكَ) كَذَلِكَ ثُمَّ وَرَدَ لَفْظُ (التَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ) مُعَلَّقًا فِي ظَاهِرِ الْخِطَابِ بِمَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِنَا عَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ فِعْلُنَا فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ [النساء: ٢٣] وَ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ﴾ [المائدة: ٣] وقَوْله تَعَالَى ﴿لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾ [الممتحنة: ١٠] وَمَعْلُومٌ أَنَّ غَيْرَ الْأُمِّ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهَا وَغَيْرُ الْمَيْتَةِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَنَاوَلَهَا التَّحْرِيمُ إذَا كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ فِعْلًا لِلَّهِ تَعَالَى وَمُحَالٌ أَنْ يَنْهَانَا عَنْ فِعْلِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ عَبَثٌ وَسَفَهٌ، وَاَللَّهُ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ.
وَيَسْتَحِيلُ أَيْضًا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ أَعْيَانٌ مَوْجُودَةٌ فَلَا يَصِحُّ النَّهْيُ عَنْهَا، وَ(لَا) الْأَمْرُ بِهَا لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْهَا يَصِيرُ فِي مَعْنَى النَّهْيِ عَنْ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَوْجُودُ وَالْأَمْرُ بِهَا يَصِيرُ فِي مَعْنَى الْأَمْرِ بِأَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَوْجُودُ وَهَذَا مُحَالٌ فَلَمَّا اسْتَحَالَ ذَلِكَ فِيهَا عَلِمْنَا أَنَّ (التَّحْلِيلَ وَالتَّحْرِيمَ) يَتَعَلَّقُ بِفِعْلِنَا فِيهَا فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ حِينَئِذٍ فِيهِ وَجْهَانِ:

1 / 257