أضاء القمر السماء، وشعرت بتحسن. ونهضت ووجدت عباءة قديمة كان قد ألقاها أحدهم تحت إحدى الأشجار. وفي الوقت الذي كانت جميع حواسي تعمل فيه معا كان الشيء الوحيد الذي يجعلني أشعر بتحسن هو رؤية القمر الذي كان يهدئني.»
سألته: «كم من الوقت أمضيت في الغابة؟» - «أياما كثيرة؛ لم يكن لي مكان آخر أذهب إليه. مكثت هناك إلى أن استطعت أن أهدئ حواسي وأميز بعضها من بعض.»
وتنحنح المسخ قبل أن يردف: «وفي يوم من الأيام، لما كان الجو قارس البرودة، سرت لمسافة طويلة. كانت مجموعة من المسافرين قد تركت نيرانا مشتعلة، وعندما جلست إلى جانب النيران ذهلت من الشعور بالحرارة، فوضعت يدي في وسطها مباشرة! وكم أدهشني الألم الذي شعرت به!»
رفع يديه لأرى آثار الحرق، ثم قال: «تفحصت النيران عن كثب ووجدت أنها مكونة من الخشب، لذا نهضت وجمعت المزيد من الخشب حتى تستمر في الاشتعال. في تلك الليلة نمت هناك وشعرت بالدفء للمرة الأولى في حياتي. كان هذا اكتشافا رائعا.»
هطلت الأمطار بغزارة على الكوخ الصغير، إذ كنت أسمع صوت هطولها الشديد على السقف.
وتابع المسخ: «أمضيت الكثير من الوقت في الغابة، وكنت أقتات على التوت والمكسرات والجذور، بل تعلمت أن أسويها على النيران فكان مذاقها أحلى. ولكن بعدما تغير الجو من الخريف إلى الشتاء ندر الطعام، فأدركت أنني لا بد أن أترك الغابة.
وصلت إلى كوخ صغير بدا دافئا وجافا، وأردت حقا أن أدخله، إذ كان الجليد يغطي الأرض والجو قارس البرودة. كان الباب مفتوحا لذا دخلت ورأيت رجلا كبيرا جالسا بجوار النيران يعد إفطاره. وحين دخلت التفت الرجل ثم صرخ بصوت عال، حتى إن صوته آلم أذني. وثب الرجل ثم ركض فرارا مني، تماما مثلما فعلت أنت بعدما تنفست أول أنفاسي.»
كنت أشعر بالمسخ ينظر إلي، لكنني لم أرفع عيني. وتابع المسخ: «أعترف بأنني أكلت إفطار الرجل. كان رائعا، وشبعت للغاية حتى إنني رحت مباشرة في سبات عميق على الأرض هناك.
أدركت أنني لا أستطيع المكوث هناك بعدما رأيت ردة فعل الرجل نحوي. وللمرة الأولى في حياتي سرت صوب المدينة في النهار. صدم الناس وأصابهم الذعر، وراحوا يصرخون ويهربون عند رؤيتي، بل ضربني البعض بالهراوات ورموني بالحجارة لأنهم كانوا خائفين، فما كان مني إلا أن هربت واختبأت.
أي حياة تلك يا فرانكنشتاين؟» أجبت بهز رأسي لكنني لم أنبس ببنت شفة.
Неизвестная страница