رسوت على الشاطئ وسحبت القارب بعيدا عن المياه وربطته ثم ركضت نحو الغابة. وكانت عندي فكرة مبدئية من خطاب أبي حول مكان وقوع الجريمة، لذا سرت بهذا الاتجاه. صحت بقوة: «أوه، ويليام! أيها الصبي الحبيب المسكين.» وفيما فارقت هذه الكلمات شفتي رأيت شخصا يركض بعيدا من وراء الأشجار. وقفت كالصنم في مكاني. أيعقل هذا؟ أجل! لقد كان المسخ؛ ذاك الكائن المخيف الذي بعثت فيه الحياة. وفي الحال أدركت أنه هو من اقترف الجريمة. هو وحده من اقتنص حياة ويليام؛ هذا المسخ اللعين!
بدأت أسناني تصطك بعضها ببعض، وشعرت بوهن في ساقي، فاتكأت على إحدى الأشجار وحاولت أن أتنفس بعمق. رأيت المسخ وهو يركض بسرعة مبتعدا. وبدأت أطارده على الرغم من الوهن الشديد الذي أصاب ساقي. أصابت أغصان صغيرة ساقي، وكدت أتعثر فوق عدد من الصخور. ركضت بأقصى سرعة ممكنة لدي. قفز المسخ فوق أشجار متساقطة ثم جثم تحت الأفرع. حاولت بكل ما أوتيت من قوة أن أمسك به لكن دون طائل، فقد بلغ حافة الغابة الصغيرة ثم اختفى.
جلست بجانب إحدى الأشجار فيما استمرت الأمطار في الهطول، فكانت ملابسي تتشرب بالماء أكثر فأكثر، لكنني لم أستطع الحراك. ترى ماذا يريد المسخ؟ وهل كانت هذه جريمته الأولى؟ ما عدد الأشخاص الآخرين الذين آذاهم؟
قضيت ليلتي مبللا وأشعر بالبرد القارص في الهواء الطلق. وعندما طلع النهار شققت طريقي عائدا للنزل وأرجعت القارب. قررت أن أسير بقية الطريق إلى المنزل، فقد يساعدني هذا الوقت على التفكير، وتولى سائق العربة نقل حقائبي إلى المنزل. وتسارعت الأفكار في ذهني: كيف أفسر لوالدي ما حدث؟ كيف أخبره أنني صنعت إنسانا، مسخا، من أعضاء مختلفة؟ كيف أخبره أن هذا المسخ قتل ويليام وأنه مختبئ في مكان ما في الجبل الأبيض؟ سأبدو مجنونا. لا، لا بد أن أحتفظ بسري لنفسي في الوقت الحالي. ليس أمامي خيار آخر.
وأنا أسير في الطريق نحو منزلنا لاحظت أنه لم تحدث سوى تغيرات طفيفة للغاية، ولم يبد أن المنزل تغير، وكان هذا يبعث على الراحة. وفي هدوء فتحت الباب الأمامي ودلفت للداخل، فوجدت أخي إيرنست مستيقظا بالفعل وجالسا في غرفة المعيشة.
ابتسم ابتسامة واهنة وقال: «مرحبا بعودتك يا فيكتور! يؤسفني أن عودتك جاءت وسط كل هذا الحزن. وحينما فتحت ذراعي كاد إيرنست يسقط سقوطا فيهما وأجهش بالبكاء. كنت متألما أيضا. لو لم أجبر نفسي على العمل بهذه الجدية، لما حدث هذا أبدا. أنا المسئول مسئولية تامة عن وقوع هذا الخطأ. لقد دمرت هذه الأسرة الجميلة بيدي، وعملي هو السبب في الحزن الذي تشعر به عائلتي الآن .
سألته: «كيف حال أبي وإليزابيث؟»
مسح إيرنست عينيه وحاول أن يقف بثبات وقال: «حزينان، لكن لما قبض على الجاني الآن ...»
قاطعته: «قبض عليه؟ ماذا تقصد؟ لقد رأيته طليقا الليلة الماضية.»
ارتبك أخي وقال: «لا، إنها جاستين، مربية ويليام. لقد وجه إليها الاتهام وهي في السجن الآن. قبضت الشرطة عليها الليلة الماضية؟»
Неизвестная страница