63

اتباع لا ابتداع - قواعد وأسس في السنة والبدعة

اتباع لا ابتداع - قواعد وأسس في السنة والبدعة

Номер издания

الثانية

Год публикации

مصححة ١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م (بيت المقدس / فلسطين)

Жанры

وهناك أفعال تركها الرسول ﷺ ولم يفعلها وهذه على نوعين:
الأول: أفعال تركها الرسول ﷺ لعدم توفر الدواعي لفعلها كجمع المصحف وتضمين الصناع ونحوها قال الشاطبي: [أحدهما أن يسكت عنه لأنه لا داعية له تقتضيه ولا موجب يقدر لأجله كالنوازل التي حدثت بعد رسول الله ﷺ فإنها لم تكن موجودة ثم سكت عنها مع وجودها وإنما حدثت بعد ذلك فاحتاج أهل الشريعة إلى النظر فيها وإجرائها على ما تقرر في كلياتها. وما أحدثه السلف الصالح راجع إلى هذا القسم كجمع المصحف وتدوين العلم وتضمين الصناع وما أشبه ذلك مما لم يجر له ذكر في زمن رسول الله ﷺ ولم تكن من نوازل زمانه ولا عرض للعمل بها موجب يقتضيها. فهذا القسم جارية فروعه على أصوله المقررة شرعًا بلا إشكال فالقصد الشرعي فيها معروف من الجهات المذكورة قبل] (١).
والثاني: أفعال تركها الرسول ﷺ مع توفر الدواعي لفعلها ومع ذلك لم يفعلها فدل على أن المشروع فيها هو الترك لا الفعل كترك الأذان للعيدين وتركه صلاة ليلة النصف من شعبان وتركه التلفظ بالنية وتركه أن يقول للمأمومين قبل بدء الصلاة استحضروا النية وغير ذلك.
قال الشوكاني: [تركه ﷺ للشيء كفعله له في التأسي به فيه].
وقال ابن السمعاني: [إذا ترك الرسول ﷺ شيئًا وجب علينا متابعته فيه ألا ترى أنه ﷺ لما ُقدم إليه الضب فأمسك عنه وترك أكله أمسك الصحابة وتركوه إلى أن قال لهم: إنه ليس بأرض قومي فأجدني أعافه وأذن لهم في أكله وهكذا تركه ﷺ لصلاة الليل جماعة خشية أن تكتب على الأمة] (٢).

(١) الموافقات ٢/ ٤٠٩.
(٢) إرشاد الفحول ص ٤٢.

1 / 64