Великое раздорие (часть вторая): Али и его сыновья
الفتنة الكبرى (الجزء الثاني): علي وبنوه
Жанры
ومهما يكن من شيء فقد التأم حول معاوية جمع ليس به بأس من أولي مشورته في الشام، وهم: رؤساء الأجناد، وشيوخ القبائل، وأهل بيته من بني أبي سفيان، وبنو عمومته من بني أمية، وانضم إليه عمرو بن العاص. وكلهم كانوا يحرضون معاوية على النهوض للحرب ويستبطئونه، ويوشك بعضهم أن يتهمه بالعجز والقصور.
فلما اجتمع لمعاوية أمره رد جرير بن عبد الله البجلي سفير علي إلى الكوفة دون أن يعطيه شيئا، وعاد جرير فأنبأ عليا بامتناع معاوية عليه، وعظم له من أمر أهل الشام، وكأن عليا لم يرض عن سفارة جرير، وكأن جماعة من أصحاب علي على رأسهم الأشتر أسمعوا جريرا بعض ما يكره، فغضب وارتحل بأهله، فلحق بطرف من أطراف الشام في قرقيسياء، فأقام فيه مجانبا للخصمين، وبعض المؤرخين يرى أنه انضم لمعاوية.
ثم أخذ معاوية يتأهب للحرب، ولكنه هو أيضا أسفر إلى علي كما أسفر علي إليه.
الفصل الثامن عشر
ويظهر أن بعض أصحاب معاوية لم تكن نفوسهم مطمئنة إلى القتال، كما أنها لم تكن كذلك راضية عن قتل عثمان وإعفاء الذين قتلوه من العقاب، فقد يقال إن رجلا من أصحاب معاوية، هو أبو مسلم عبد الرحمن، أو عبد الله بن مسلم الخولاني، قام إليه أثناء تشاوره في أمر الحرب، فقال له: علام تقاتل عليا، وليس لك مثل فضله وسابقته في الإسلام؟ فقال معاوية: إني لا أقاتله وأنا أدعي أن لي مثل فضله أو سابقته، وإنما أطالبه بأن يدفع إلينا قتلة عثمان حتى أقتص منهم. قال أبو مسلم: فاكتب إليه في ذلك، فإن أجابك إلى ما تريد فقد صرفت عنا الحرب، وإن أبى قاتلناه على بصيرة. وكأن معاوية أراد أن يقطع حجة أبي مسلم وأمثاله من المترددين، فكتب إلى علي كتابا وأرسله مع أبي مسلم نفسه.
وهذا نص الكتاب كما رواه البلاذري: «بسم الله الرحمن الرحيم، من معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب، أما بعد، فإن الله اصطفى محمدا بعلمه وجعله الأمين على وحيه والرسول إلى خلقه، ثم اجتبى له من المسلمين أعوانا أيده بهم، فكانوا في المنازل عنده على قدر فضائلهم في الإسلام، وكان أنصحهم لله ورسوله خليفته، ثم خليفة خليفته، ثم الخليفة الثالث المقتول ظلما عثمان، فكلهم حسدت وعلى كلهم بغيت، عرفنا ذلك في نظرك الشزر، وقولك الهجر، وتنفسك الصعداء، وإبطائك عن الخلفاء، في كل ذلك تقاد كما يقاد الجمل المخشوش، ولم تكن لأحد منهم أشد حسدا منك لابن عمتك، وكان أحقهم ألا تفعل به ذلك لقرابته وفضله، فقطعت رحمه، وقبحت حسنه، وأظهرت له العداوة، وأبطنت له الغش، وألبت الناس عليه، حتى ضربت آباط الإبل إليه من كل وجه، وقيدت الخيل من كل أفق، وشهر عليه السلاح في حرم رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، فقتل معك في المحلة وأنت تسمع الهائعة لا تدرأ عنه بقول ولا فعل، ولعمري يا ابن أبي طالب لو قمت في حقه مقاما تنهى الناس فيه عنه، وتقبح لهم ما اهتبلوا منه ما عدل بك من قبلنا من الناس أحدا، ولمحا ذلك عندهم ما كانوا يعرفونك به من المجانبة له والبغي عليه، وأخرى أنت بها عند أولياء ابن عفان ظنين، إيواؤك قتلته، فهم عضدك ويدك وأنصارك، وقد بلغني أنك تنتفي من دم عثمان وتتبرأ منه، فإن كنت صادقا فادفع إلينا قتلته نقتلهم به، ثم نحن أسرع الناس إليك، وإلا فليكن بيننا وبينك السيف، ووالذي لا إله غيره لنطلبن قتلة عثمان في الجبال والرمال والبر والبحر حتى نقتلهم أو تلحق أرواحنا بالله، والسلام.»
وقد انتهى أبو مسلم بهذا الكتاب إلى علي، فجمع له الناس في المسجد، وأمر، فقرئ عليهم الكتاب، فتصايح الناس في جنبات المسجد: «كلنا قتل عثمان، وكلنا كان منكرا لعمله.» وكذلك رأى أبو مسلم نفسه أن أصحاب علي كانوا يرون قتل عثمان صلاحا لأمور دينهم ودنياهم ويأبون أن يسلموا أحدا من قاتليه، ورأى كذلك أن عليا لو أراد أن يسلم قتلة عثمان كلهم أو بعضهم لما استطاع إلى ذلك سبيلا، ومن أجل ذلك أبى أن يدفع أحدا إلى معاوية، فجعل أبو مسلم يقول: الآن طاب الضراب.
وأنت ترى من كتاب معاوية أنه لم يكن يريد سلما ولا عافية، وإنما كان يريد أن يعذر نفسه عند أصحابه من أهل الشام وعند المترددين والمتأثمين منهم خاصة، فطالب السلم والعافية لا يكتب إلى خصمه ليؤذيه ولا ليحفظه ولا ليغيظه ويثير في نفسه الموجدة والشنآن.
وليس من اليسير على علي أن يقرأ في كتاب معاوية اتهامه بحسد الخلفاء والبغي عليهم والتلكؤ في البيعة لهم حتى يضطر إليها اضطرارا ويقاد إليها كارها.
Неизвестная страница