Великое раздорие (часть вторая): Али и его сыновья
الفتنة الكبرى (الجزء الثاني): علي وبنوه
Жанры
ومهما يكن من شيء، فقد ارتحل طلحة والزبير وعائشة يريدون البصرة، وصرف علي همه عن الشام وأزمع الخروج ليرد طلحة والزبير وعائشة عما صمما عليه، وأتيح لمعاوية من الوقت والعافية ما مكنه من أن يحكم أمره ويهيئ جنده ويكيد لعلي في مصر.
وقد خرج علي من المدينة والناس كارهون لخروجه متشائمون به، ولكن عليا لم يقدر أنه سيترك المدينة إلى غير رجعة إليها، وإنما كان يظن أنه سيلقى هؤلاء القوم فيناظرهم ويبلغ منهم الرضى ويردهم إلى الجماعة، ويعود معهم آخر الأمر إلى المدينة، فيقيم فيها كما أقام الخلفاء من قبله ويدبر منها أمر المسلمين كما كانوا يفعلون، ولكنه لم يكد يمضي في طريقه ليلقى القوم حتى عرف أنهم فاتوه وأنهم سيبلغون البصرة وسيفتنون الناس فيها عن بيعتهم. وهو مع ذلك لم يستيئس من الصلح، ولكنه احتاط للحرب حتى لا يؤخذ على غرة، فمضى في طريقه وأرسل إلى أهل الكوفة من يستنفرهم لنصره.
الفصل الثامن
وأقبل رسل علي إلى الكوفة، فوجدوا أميرها أبا موسى الأشعري راغبا عن الفتنة كارها للقتال مخذلا للناس عن نصر إمامهم، وكانت حجته في هذا يسيرة؛ فإن الإمام لم يكن يريد أن يحارب عدوا من الكفار، وإنما كان يوشك أن يحارب قوما مثله يؤمنون مثله بالله ورسوله واليوم الآخر، فكره أن يقاتل المسلمون المسلمين. رأى ذلك لنفسه ثم لم يلبث أن رآه لأهل مصره جميعا، وأيسر ما يأمر به الدين أن يحب الإنسان للناس ما يحب لنفسه.
فقد كان أبو موسى إذن ناصحا لنفسه ولأهل الكوفة حين نهاهم عن القتال وخذلهم عن نصر الإمام، ولكن أبا موسى كان قد بايع عليا وأخذ له بيعة أهل الكوفة، وهذه البيعة تفرض عليه نصر الإمام بنفسه وبأهل مصره، فإن تحرج من ذلك استقال الإمام وترك عمله وانضم إلى أولئك المعتزلين فاجتنب من الفتنة ما يجتنبون. فأما أن يكون قد بايع عليا وقبل أن يكون له واليا ثم يأبى بعد ذلك أن ينفر مع أهل مصره حين استنفرهم الإمام فشيء لا يكاد يستقيم؛ ولذلك أرسل علي إليه يلومه ويعنفه ويعزله عن عمله، وأرسل واليا جديدا هو قرظة بن كعب الأنصاري، وأرسل الحسن بن علي وعمار بن ياسر يستنفران الناس.
ويروي بعض المؤرخين أن الأشتر استأذن عليا في أن يلحق برسله إلى الكوفة، فأذن له، فلما بلغ المصر جمع نفرا من قومه أولي بأس وأغار بهم على قصر الإمارة، وأبو موسى يخطب الناس، فاحتاز القصر وبيت المال، واضطر أبا موسى إلى أن يعتزل العمل، ففعل وخرج من الكوفة حتى أتى مكة فأقام فيها مع المعتزلين، ونفر أهل الكوفة لنصر إمامهم؛ فأتوه حيث كان ينتظرهم بذي قار.
الفصل التاسع
وكان أمر البصرة أشد من أمر الكوفة تعقيدا، فقد كان أهل هذا المصر بايعوا عليا واستقاموا لعامله عثمان بن حنيف، فلم يلبثوا إلا قليلا حتى أظلهم الزبير وطلحة وعائشة ومن معهم من الجند، فأرسل إليهم عثمان بن حنيف سفيرين من قبله، هما: عمران بن حصين الخزاعي صاحب رسول الله، وأبو الأسود الدؤلي. فلما أقبلا سألا القوم: ماذا يريدون؟ فقالوا: نطلب بدم عثمان ونجعل الأمر شورى بين المسلمين يختارون لخلافتهم من يشاءون، وهم السفيران أن يحاورا القوم في هذا الأمر، فأبى القوم أن يسمعوا منهما فعادا إلى عثمان بن حنيف ينبئانه أن القوم يريدون الحرب ولا يريدون غيرها، فتأهب عثمان للقتال وخرج في أهل البصرة حتى واقف القوم، ثم تناظروا فلم يصلوا إلى خير.
خطب طلحة والزبير فطلبا بدم عثمان وجعل الأمر شورى بين المسلمين، فرد عليهما من أهل البصرة من كانت تأتيهم كتب طلحة بالتحريض على قتل عثمان، واختلف أهل البصرة، وقال قوم: صدقا وتكلما بالصواب. وقال قوم: كذبا ونطقا بغير الحق. وارتفعت الأصوات واشتد الخلاف، وجعل أهل البصرة يتسابون.
ثم جيء بعائشة على جملها، فخطبت الناس وأبلغت في الخطابة - لسان زلق ومنطق عذب وحجة ظاهرة القوة - تقول: «غضبنا لكم من سوط عثمان وعصاه، أفلا نغضب لعثمان من السيف؟! ألا وإن خليفتكم قد قتل مظلوما، أنكرنا عليه أشياء وعاتبناه فيها، فأعتب وتاب إلى الله، وماذا يطلب من المسلم إن أخطأ أكثر من أن يتوب إلى الله ويعتب الناس؟! ولكن أعداءه سطوا عليه، فقتلوه واستحلوا حرما ثلاثا: حرمة الدم، وحرمة الشهر الحرام، وحرمة البلد الحرام.»
Неизвестная страница