Великое раздорие (часть вторая): Али и его сыновья
الفتنة الكبرى (الجزء الثاني): علي وبنوه
Жанры
وقد حمل حجر وأصحابه إلى معاوية، فأمر ألا يدخلوا دمشق وأن يحبسوا بمرج عذراء، ويقول المؤرخون: إن حجرا لما عرف أنه بهذه القرية قال: والله إني لأول مسلم نبحته كلابها وأول مسلم كبر بواديها.
وقد قرأ معاوية كتاب زياد وشهادة الشهود، وأمر فقرئ هذا كله على الناس، ثم استشار في أمرهم من حضره من أشراف قريش ووجوه أهل الشام، فمنهم من أشار عليه بحبسهم، ومنهم من أشار عليه بتفريقهم في قرى الشام، وأقام معاوية وقتا لا يقطع في أمرهم برأي، فكتب إلى زياد بتوقفه في أمرهم، وكتب إليه زياد يعجب من تردده ويقول له: إن كانت لك حاجة بالعراق فلا تردهم إلي.
هنالك استبان الرأي لمعاوية، فأرسل إلى هؤلاء الرهط من يعرض عليهم البراءة من علي ولعنه وتولي عثمان، فمن فعل منهم ذلك أمن، ومن أبى منهم ذلك قتل.
وقام جماعة من أشراف أهل الشام فشفعوا عند معاوية في بعض هؤلاء الرهط، وقبل معاوية شفاعتهم، حتى لم يبق منهم إلا ثمانية، عرضت عليهم البراءة من علي فأبوا، فأخذ في قتلهم في قصة طويلة، ورأى اثنان السيوف المشهورة والقبور المحفورة والأكفان المنشورة، كما قال حجر قبيل موته، فطلبا أن يحملا إلى معاوية وأظهرا أنهما يريان رأيه في علي وعثمان، فأجيبا إلى طلبهما، وقتل الآخرون وهم ستة، وكانوا أول من قتل صبرا من المسلمين.
وحمل الرجلان إلى معاوية، فأما أحدهما فأظهر البراءة من علي بلسانه، وشفع فيه شافع من أهل الشام، فحبسه معاوية شهرا ثم ألزمه الإقامة حيث أراد من الشام، وحرم عليه أرض العراق، فأقام في الموصل حتى مات.
وأما الآخر فأبى أن يبرأ من علي وأسمع معاوية في نفسه وفي عثمان ما يكره، فرده معاوية إلى زياد وأمره أن يقتله شر قتلة، فأمر به زياد فدفن حيا.
وكذلك انتهت هذه المأساة المنكرة التي استباح فيها أمير من أمراء المسلمين أن يعاقب الناس على معارضة لا إثم فيها، وأن يكره وجوه الناس وأشرافهم على أن يشهدوا عليهم زورا وبهتانا، وأن يكتب شهادة القاضي على غير علم منه ولا رضى، حتى قال حجر حين قدم لتضرب عنقه: الله بيننا وبين أمتنا، شهد علينا أهل العراق وقتلنا أهل الشام.
استباح أمير من أمراء المسلمين لنفسه هذا الإثم، واستحل هذا البدع، واستباح إمام من أئمة المسلمين لنفسه أن يقضي بالموت على نفر من الذين عصم الله دماءهم، دون أن يراهم أو يسمع لهم أو يأذن لهم في الدفاع عن أنفسهم، وما أكثر ما أرسلوا إليه أنهم على بيعتهم لا يقيلونها ولا يستقيلونها!
وقد ذعر المسلمون في أقطار الأرض لهذا الحدث، وآية ذلك أن عائشة علمت بتسيير هؤلاء الرهط من الكوفة، فأرسلت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام إلى معاوية يراجعه في أمرهم، فوصل عبد الرحمن إلى الشام فوجد القوم قد قتلوا، فقال لمعاوية: كيف ذهب عنك حلم أبي سفيان؟ فأجابه معاوية: حين غاب عني أمثالك من حلماء قومي، وقد حملني زياد فاحتملت.
وآية ذلك أيضا أن الخبر بقتل هؤلاء النفر قد انتهى إلى المدينة، وسمعه عبد الله بن عمر فأطلق حبوته، وتولى والناس يسمعون نحيبه، وأن معاوية بن خديج انتهى إليه الخبر في إفريقية فقال لقومه الذين كانوا معه من كندة: ألا ترون أنا نقاتل لقريش ونقتل أنفسنا لنثبت ملكها، وأنهم يثبون على بني عمنا فيقتلونهم؟!
Неизвестная страница