Великое раздорие (часть вторая): Али и его сыновья
الفتنة الكبرى (الجزء الثاني): علي وبنوه
Жанры
وأنت تزعم أنك تأخذ البريء بالسقيم، والمطيع بالعاصي، والمقبل بالمدبر» فقال له زياد: «إنا لا نبلغ ما نريد فيك وفي أصحابك حتى نخوض إليكم الباطل خوضا.»
ولم يبلغ زياد فيه وفي أصحابه ما أراد، ولم يبلغ في غيره وغير أصحابه من شيعة علي وصالحي المسلمين ما أراد أيضا، ولكنه على ذلك خاض إليهم الباطل خوضا، وخاض إليهم مع الباطل دماء غزارا.
الفصل الحادي والخمسون
ولست في حاجة إلى أن أطيل فيما سفك زياد من دماء الناس في البصرة، وما سفك نائبه سمرة بن جندب حين كان زياد يصير إلى الكوفة، حين أصبح لها أميرا، فأخبار هذا شائعة مشهورة في كتب الأدب والتاريخ، والإطالة بذكرها مملة لا تغني عن أحد شيئا، ولكني أقف عند محنة بعينها امتحن بها زياد الإسلام والمسلمين، وشاركه معاوية في هذا الامتحان، فتركت في نفوس المعاصرين لهما أقبح الأثر وأشنعه، وكانت صدمة عنيفة لمن بقي من خيار الناس في تلك الأيام، وهي محنة حجر بن عدي وأصحابه من أهل الكوفة.
وقصة هذه المحنة مفصلة في كتب المحدثين والمؤرخين، ما نشر منها وما لم ينشر، وإنما أوجزها أشد الإيجاز وأعظمه؛ لأن مغزاها أعظم خطرا من تفصيلها، فما أكثر الذين قتلوا في الفتنة الكبرى، منذ ثار الناس بعثمان إلى أن استقام الأمر لمعاوية! وما أكثر الذين قتلوا بعد أن ولي معاوية في أعقاب هذه الفتنة، وفيما ثار بين المسلمين من فتن، وما ألم بهم من خطوب! ولكن محنة حجر تصور المذهب الجديد في الحكم بعد أن استحالت الخلافة إلى ملك، وتغيرت سياسة الملوك والأمراء الذين يعملون لهم في الأقاليم، وأصبح تثبيت الملك ودعم السلطان والاحتياط للنظام آثر في نفوس الملوك والأمراء من النصح للدين والبقاء على المسلمين.
وقد رأينا الخلفاء الراشدين يدرءون الحدود بالشبهات، ويحرجون على عمالهم في أن يؤذوا الناس في أبشارهم وأموالهم، فكيف بنفوسهم ودمائهم؟! وقد رأينا عمر رحمه الله يشجع زيادا نفسه على أن يلجلج في الشهادة، حين قذف بعض الناس عنده المغيرة بن شعبة، مخافة أن يفضح رجل صحب النبي
صلى الله عليه وسلم ، ورأينا عثمان يتكلف ما تكلف من العذر ليعفو عن عبيد الله بن عمر، فيما كان من قتل الهرمزان، ويغضب في ذلك من أغضب من عامة المسلمين ومن خيار الصحابة أنفسهم.
فأما الآن في أيام معاوية وزياد فالناس يؤخذون بالشبهة، ويقتلون بالظنة، والنظام آثر عند الولاة والملوك من النفوس المؤمنة التي أمر الله ألا تزهق إلا بحقها.
وقد كان حجر بن عدي الكندي رجلا من شيعة علي المخلصين له الحب، شهد معه الجمل وصفين والنهروان، وكره صلح الحسن، ولام الحسن في هذا الصلح، ولكنه بايع معاوية كما بايعه غيره من الناس، ووفى ببيعته دون أن يضطره ذلك إلى أن يرفض عليا أو يبرأ من حبه، بل دون أن يضطره ذلك إلى أن يرفض عليا أو يبرأ من حبه، بل دون أن يضطره ذلك إلى أن يؤمن لمعاوية وعماله بكل ما كانوا يفعلون، وكان حجر رجلا من صالحي المسلمين، وفد على النبي
صلى الله عليه وسلم
Неизвестная страница