Фисал Фи Милал
الفصل في الملل والأهواء والنحل
Издатель
مكتبة الخانجي
Место издания
القاهرة
معجزتان خاصتان لذَلِك النَّمْل وَلذَلِك الهدهد وآيتان لِسُلَيْمَان رَسُول الله ﷺ ككلام الذِّرَاع وحنين الْجذع وتسبيح الطَّعَام لمُحَمد ﷺ آيَات لنبوته ﵇ وَكَذَلِكَ حَيَاة عَصا مُوسَى ﵇ آيَة لرَسُول الله مُوسَى ﵇ لِأَن هَذَا النُّطْق شَامِل ولأنواع هَذِه الْأَشْيَاء
قَالَ أَبُو مُحَمَّد ﵁ وَقد قاد السخف والضعف وَالْجهل من يقدر فِي نَفسه أَنه عَالم وَهُوَ الْمَعْرُوف بخويز منداد الْمَالِكِي إِلَى أَن جعل للجمادات تمييزًا
قَالَ أَبُو مُحَمَّد ﵁ وَلَعَلَّ مُعْتَرضًا يعْتَرض بقول الله تَعَالَى ﴿وَإِن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ﴾ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿ألم تَرَ أَن الله يسْجد لَهُ من فِي السَّمَاوَات وَمن فِي الأَرْض﴾ الْآيَة وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿إِنَّا عرضنَا الْأَمَانَة على السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال فأبين أَن يحملنها وأشفقن مِنْهَا وَحملهَا الْإِنْسَان﴾ الْآيَة وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى حاكيًا أَنه قَالَ لِلسَّمَوَاتِ وَالْأَرْض ﴿ائتيا طَوْعًا أَو كرها قَالَتَا أَتَيْنَا طائعين﴾ وَبقول رَسُول الله ﷺ يَوْم يفتص للشاه الْجَمَّاء من الشَّاة القرناء فَهَذَا كُله حق وَلَا حجَّة لَهُم فِيهِ وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين لِأَن الْقُرْآن وَاجِب أَن يحمل على ظَاهره كَذَلِك كَلَام رَسُول الله ﷺ وَمن خَالف ذَلِك كَانَ عَاصِيا لله ﷿ مبدلًا لكلماته مَا لم يَأْتِ نَص فِي أَحدهمَا أَو إِجْمَاع مُتَيَقن أَو ضَرُورَة حس على خلاف ظَاهره فَيُوقف عِنْد ذَلِك وَيكون من حمله على ظَاهره حِينَئِذٍ ناسبًا الْكَذِب إِلَى الله ﷿ أَو كَاذِبًا عَلَيْهِ وعَلى نبيه ﵇ نَعُوذ بِاللَّه من كلا الْوَجْهَيْنِ وَإِذ قد بَينا قبل بالبراهين الضرورية أَن الْحَيَوَان غير الْإِنْس وَالْجِنّ وَالْمَلَائِكَة لَا نطق لَهُ نعني أَنه لَا تصرف لَهُ فِي الْعُلُوم والصناعات وَكَانَ هَذَا القَوْل مشَاهد بالحس مَعْلُوما بِالضَّرُورَةِ لَا يُنكره إِلَّا وقح مكابر لحسه وَبينا أَن كل مَا كَانَ بِخِلَاف التَّمْيِيز الْمَعْهُود عندنَا فَإِنَّهُ لَيْسَ تمييزًا وَكَانَ هَذَا أَيْضا يعلم بِالضَّرُورَةِ والعيان والمشاهدة فَوَجَبَ أَنه بِخِلَاف مَا يُسمى فِي الشَّرِيعَة واللغة نطقا وقولا وتسبيحا وسجودا فقد وَجب أَنَّهَا أَسمَاء مُشْتَركَة اتّفقت ألفاظها وَأما مَعَانِيهَا فمختلفة لَا يحل لأحد أَن يحملهَا على غير هَذَا
لِأَنَّهُ إِن فعل كَانَ مخبرا أَن الله تَعَالَى قَالَ مَا يُبطلهُ العيان وَالْعقل الَّذِي بِهِ عرفنَا الله تَعَالَى ولولاه مَا عَرفْنَاهُ وَمن أجَاز هَذَا كَانَ كَافِرًا مُشْركًا وَمن أبطل الْعقل فقد أبطل التَّوْحِيد إِذْ كذب شَاهد عَلَيْهِ إِذْ لَو الْعقل لم يعرف الله ﷿ أحد أَلا ترى المجانين والأطفال لَا يلْزمهُم شَرِيعَة لعدم عُقُولهمْ وَمن جوز هَذَا فَلَا يُنكر على النَّصَارَى مَا يأْتونَ بِهِ خلاف الْمَعْقُول وَلَا على الدهرية وَلَا على السوفسطائية مَا يخالفون بِهِ الْمَعْقُول لَكنا نقُول أَن اللَّفْظ مُشْتَرك وَالْمعْنَى هُوَ مَا قَامَ الدَّلِيل عَلَيْهِ كَمَا فعلنَا فِي النُّزُول وَفِي الْوَجْه وَالْيَدَيْنِ والأعين وحملنا كل ذَلِك على أَنه حق بِخِلَاف مَا يَقع عَلَيْهِ اسْم ينزل عندنَا وَاسم يَد وَعين عندنَا لِأَن هَذَا عندنَا فِي اللُّغَة وَاقع على الْجَوَارِح والنقلة وَهَذَا منفي عَن الله تَعَالَى فَإذْ لَا شكّ فِي هَذَا فلنقل الْآن على مَعَاني الْآيَات الَّتِي ذكرنَا أَنه رُبمَا اعْترض بهَا من لَا يمعن النّظر بحول الله وقوته فَنَقُول وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق أما تسيبح كل شَيْء فالتسبيح عندنَا إِنَّمَا هُوَ قَول سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ وبالضرورة نعلم أَن الْحِجَارَة والخشب والهوام والحشرات والألوان لَا تَقول سُبْحَانَ الله بِالسِّين والباءوالحاء وَالْألف وَالنُّون وَاللَّام وَالْهَاء هَذَا مَا لَا يشك فِيهِ من لَهُ مسكة عقل فإ لَا شكّ فِي هَذَا فباليقين
1 / 71