Фисал Фи Милал

Ибн Хазм d. 456 AH
51

Фисал Фи Милал

الفصل في الملل والأهواء والنحل

Издатель

مكتبة الخانجي

Место издания

القاهرة

وكل ذَلِك مَخْلُوق مُحدث وَكَذَلِكَ تحول جِبْرِيل ﵇ فِي صُورَة دحْيَة إِنَّمَا هُوَ أَن الله تَعَالَى جعل للْمَلَائكَة وَالْجِنّ قُوَّة يتحولون بهَا فِيمَا شاؤا من الصُّور وَكلهمْ مَخْلُوق تعاقب عَلَيْهِم الْإِعْرَاض بِخِلَاف الله تَعَالَى فِي ذَلِك قَالَ أَبُو مُحَمَّد ﵁ وَمِمَّا يعْتَرض بِهِ على النَّصَارَى وَإِن كَانَ لَيْسَ برهانًا ضَرُورِيًّا على جَمِيعهم لكنه برهَان ضَرُورِيّ على كل من تقلد مِنْهُم الشَّرَائِع الَّتِي يعْمل بهَا الملكيون والنساطرة واليعاقبة والمارقية قَاطع لَهُم وَهِي مَسْأَلَة جرت لنا مَعَ بَعضهم وَذَلِكَ أَنهم لَا يخلون من أحد وَجْهَيْن إِمَّا أَن يَكُونُوا يَقُولُونَ بِبُطْلَان النُّبُوَّة بعد عِيسَى ﵇ وَإِمَّا أَن يَقُولُوا بإمكانها بعده ﵇ فَإِن قَالُوا بِإِمْكَان النُّبُوَّة بعده ﵇ لَزِمَهُم الْإِقْرَار بنبوة مُحَمَّد ﷺ إِذْ ثَبت نقل إِعْلَامه بالكواف الَّتِي بِمِثْلِهَا نقلت إِعْلَام عِيسَى وَغَيره عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام وَإِن قَالُوا بِبُطْلَان النُّبُوَّة بعد عِيسَى ﵇ لَزِمَهُم ترك جَمِيع شرائعهم من صلَاتهم وتعظيمهم الْأَحَد وصيامهم وامتناعهم من اللَّحْم ومناكحتهم وأعيادهم واستباحتهم الْخِنْزِير وَالْميتَة وَالدَّم وَترك الْخِتَان وَتَحْرِيم النِّكَاح على أهل المراكب فِي دينهم إِذْ كل مَا ذكرنَا لَيْسَ مِنْهُ فِي أَنَاجِيلهمْ الْأَرْبَعَة شَيْء الْبَتَّةَ بل أَنَاجِيلهمْ مبطلة لكل مَا هم عَلَيْهِ الْيَوْم إِذْ فِيهَا أَنه ﵇ قَالَ لم آتٍ لأغير شَيْئا من شرائع التَّوْرَاة وَأَنه كَانَ يلْتَزم هُوَ وَأَصْحَابه بعده السبت وأعياد الْيَهُود من الفصح وَغَيره بِخِلَاف كل مَا هم عَلَيْهِ الْيَوْم فَإِذا منعُوا من وجود النُّبُوَّة بعده وَكَانَت الشَّرَائِع لَا تُؤْخَذ إِلَّا عَن الْأَنْبِيَاء ﵈ وَإِلَّا فَإِن شارعها عَن غير الْأَنْبِيَاء ﵈ حَاكم على الله تَعَالَى وَهَذَا أعظم مَا يكون من الشّرك وَالْكذب والسخف فشرائعهم الَّتِي هِيَ دينهم غير مَأْخُوذَة عَن نَبِي أصلا فَهِيَ معاص مفتراة على الله ﷿ بِيَقِين لَا شكّ فِيهِ قَالَ أَبُو مُحَمَّد ﵁ وَهَذَا حِين نبدأ بعون الله وتوفيقه وتأييده إِن شَاءَ الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ فِي تَبْيِين أَن الْوَاحِد لَيْسَ عددا فَنَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق أَن خَاصَّة الْعدَد هُوَ أَن يُوجد عدد آخر مساوٍ لَهُ وَعدد آخر لَيْسَ مُسَاوِيا لَهُ هَذَا شَيْء لَا يَخْلُو من عدد أصلا والمساواة هِيَ أَن تكون إبعاضه كلهَا مُسَاوِيَة لَهُ إِذا جزئت أَلا ترى أَن الْفَرد والفرد مساويان للإثنين وَأَن الزَّوْج والفرد لَيْسَ مُسَاوِيا للزَّوْج الَّذِي هُوَ الإثنان والخمسة مُسَاوِيَة للإثنين وَالثَّلَاثَة غير مُسَاوِيَة للثَّلَاثَة وَهَكَذَا كل عدد فِي الْعَالم فَهَذَا معنى قَوْلنَا أَن الْمسَاوِي وَغير الْمسَاوِي هُوَ خَاصَّة الْعدَد وَهَذِه الْمُسَاوَاة أردنَا لَا غَيرهَا فَلَو كَانَ للْوَاحِد أبعاض مُسَاوِيَة لَهُ لَكَانَ كثيرا بِلَا شكّ لِأَن الْوَاحِد الْمُطلق على الْحَقِيقَة هُوَ الَّذِي لَيْسَ كثيرا هَذَا مَا لاشك فِيهِ عِنْد كل ذِي حس سليم وَكَانَ مَا كَانَ لَهُ أبعاض فَهُوَ كثير بِلَا شكّ فَهُوَ إِذا بِالضَّرُورَةِ لَيْسَ وَاحِدًا فالواحد ضَرُورَة هُوَ الَّذِي لَا أبعاض لَهُ فَإذْ لَا شكّ فِيهِ فالواحد الَّذِي لَا أبعاض لَهُ تساويه لَيْسَ عددا وَهُوَ الَّذِي أردنَا أَن نبين وَأَيْضًا فَإِن الْحس وضرورة الْعقل يَشْهَدَانِ بِوُجُود الْوَاحِد إِذْ لَو لم يكن الْوَاحِد مَوْجُودا لم يقدر على عدد أصلا إِذْ الْوَاحِد مبدأ الْعدَد والمعدود الَّذِي لَا يُوصل إِلَى عدد وَلَا مَعْدُود إِلَّا بعد

1 / 59