قال محمد بن يحيى: قد كان ما قاله رسول الله من افتراقهم واختلاف أهوائهم، فكل قد انتحل مقاله وذهب بزعمه إلى ديانة يرى أنه فيها مصيب لحق أو قاصد في مذهبه لصدق، وهم من قد ترون وتعاينون من الفرق الكثير المختلفين في أقاويلهم، المتباعدين في مذاهبهم، كل حزب بما لديهم فرحون.
[من هي الفرقة الناجية]
وأما الفرقة الناجية فهم المؤمنون بالله ورسوله، والناسبون له إلى ما نسب إليه نفسه، والمبرئون له من شبه خلقه، المثبتون لعدله، النافون الظلم عنه، القائلون بالحق فيه، المصدقون بوعده، المقرون بوعيده، المتبعون لسنة نبيه، المقيمون لما افترض الله عليهم من أحكامه، المقتدون بكتابه، الآمرون بأمره والمنتهون عن نهيه، العاملون بطاعته، الموالون لأوليائه، المعادون لأعدائه، المجاهدون في سبيله فهم الناجون من عذابه المستوجبون لثوابه، صبروا يسيرا من دهرهم فسروا كثيرا في آخرتهم، قد أمنوا الخزي والنيران، واستوجبوا الرضا والرضوان في جنات النعيم مخلدون فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ.
وأما ما سألتم عنه من افتراق الشيعة، فلسنا ننسب من خالف ما ذكرنا وضاد ما شرحنا إلى تشيع ولا دين ولا معرفة بالله سبحانه ولا يقين، فمن كان على ما ذكرنا فاسم التشيع يلزمه وهو بحول الله ينتظمه.
وأما من سمى سوى هؤلاء بالتشيع وخالف ما ذكرنا فإنما هم الشنعة لا الشيعة مثل الروافض وفرقهم، فهم أعداء الدين والمشاقون لرب العالمين، ليس ينسب أولئك [611] إلى محبة، ولا نعدهم في شيعة، إنما الشيعة من شايع في الدين وقال بالحق المبين وكان من أولياء رب العالمين فأعان على جهاد الظالمين، ونهض مع أهل الحق والمحقين، وكاشف الخونة الجائرين، وحرص في تغيير ما قد ظهر من البدع في دار محمد خاتم النبيين.
Страница 117