الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري

Абдель Мегид Махмуд d. 1443 AH
105

الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري

الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري

Издатель

مكتبة الخانجي

Место издания

مصر.

Жанры

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَالَا إِلَيْهِ، فَقَالَا: " نَسْأَلُكَ عَنِ التِّسْعِ الْآيَاتِ التِي جَاءَ بِهَا مُوسَى " قَالَ: " فَأَخْبَرَهُمَا بِهَا "، فَقَالَا لَهُ: " نَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيُّ " قَالَ: " فَمَا يَمْنَعُكُمَا أَنْ تُسْلِمَا؟ ". قَالَا: " نَخَافُ أَنْ تَقْتُلَنَا يَهُودُ ". فَقَالَ: " نَعَمْ حَدَّثَنِي شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، فَأَيُّ شَيْءٍ لِصَاحِبِكَ فِي هَذَا؟ ". قُلْتُ: " إِنَّهُمَا قَالَا: نَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيُّ، ثُمَّ رَجَعَا إِلَى اليَهُودِيَّةِ، فَلَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ رِدَّةً مِنْهُمَا " فَالْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِ الحَدِيثِ، فَقَالَ: " أَتُحْسِنُونَ أَنْتُمْ مِنْ هَذَا شَيْئًا؟ " ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ، فَقَالَ: " أُحِبُّ أَنْ تَلْزَمَنِي وَتَبَسَّطَ إِلَيَّ "، ثُمَّ قُمْتُ مِنْ عِنْدِهِ وَتَرَكْتُهُ» (١). وإذا كانت المرحلة في طلب الحديث من مفاخر المحدثين ومآثرهم حيث ينتقلون في البلدان، ويتحملون مشاق السفر وعناء الغربة من أجل العلم بالآثار وجمعها، فإن الفقهاء نازعوهم في هذه المأثرة، وادعوا أنها في كثير من الأحيان جهد ضائع ونصب لا طائل منه، وندع الرامهرمزي ينقل لنا صورة هذا النزاع في موضوع الرحلة بين المُحَدِّثِينَ وَالفُقَهَاءِ: «وَقَالَ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الفُقَهَاءِ يَذُمُّ أَهْلَ الرِّحْلَةِ فِي فَصْلٍ مِنْ كَلامٍ لَهُ: نَبَغُوا فَعَابُوا النَّاظِرِينَ المُمَيِّزِينَ وَبَدَّعُوهُمْ، وإِلَى الرَّأْيِ وَالكَلامِ فَنَسَبُوهُمْ، وَجَعَلُوا العِلْمَ الوَاجِبَ طَلَبَهُ، الدَّوَرَانَ وَالجَوَلَانَ فِي البُلْدَانِ، لالْتِمَاسِ خَبَرٍ لا يُفِيدُ طَائِلًا، وَأَثَرٍ لاَ يُوَرِّثُ نَفْعًا فَأَسْهَرُوا لَيْلَهُمْ، وَأَظْمَأُوا نَهَارَهُمْ، وَأَتْعَبُوا مَطِيَّهُمْ، وَاغْتَرَبُوا عَنْ بِلاَدِهِمْ، وَضَيَّعُوا مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ خُلَفَائِهِمْ، وَعَقُّوا الآبَاءَ وَالأُمَّهَاتِ ...، فَهُمْ حَيَارَى كَالأَنْعَامِ، إِنْ سُئِلُوا عَنْ مَسْأَلَةٍ، قَالُوا: هَلْ حَدَثَتْ هَذِهِ المَسْأَلَةُ حَتَّى تَقُولَ فِيهَا؟ فَإِنْ قِيلَ لَهُمْ: هِيَ نَازِلَةٌ قَالُوا: مَا نَحْفَظُ فِيهَا شَيْئًا، فَإِنْ سُئِلُوا عَنِ السُّنَنِ، يَقُولُ خَطِيبُهُمْ: مَا تَحْفَظُونَ فِي " مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا "، وَ" مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا "، وَفِي " أَسْلَمَ سَالَمَهَا اللَّهُ " وَفِي قَوْلِهِ أَمَّا بَعْدُ. وَقَالَ المُعَارِضُ لِصَاحِبِ هَذَا الكَلامِ: تَهَيَّبُوا كَدَّ الطَّلَبِ، وَمُعَالَجَةِ السَّفَرِ، وَبُعِلُوا - أي بهتوا ودهشوا - بِحِفْظِ الآثَارِ، وَمَعْرِفَةِ الرِّجَالِ، وَاخْتَلَفَ عَلَيْهِمْ

(١) " المحدث الفاصل ": ص ٨٣، ٨٤.

1 / 108