القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه
القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه
Жанры
المضمضة والاستنشاق عند الغسل
المضمضة والاستنشاق عند الغسل حصل الخلاف فيهما بين العلماء: فالأحناف يرون وجوب المضمضة والاستنشاق عند الاغتسال، والجماهير لا يرون ذلك على خلاف بينهم مع الحنابلة.
فينبغي أن يقال: إذا اغتسلت فمضمض واستنشق لتخرج من الخلاف، فإنك إن لم تفعل ذلك فأنت عند الأحناف لم تغتسل غسلًا يجزئ، وإن كنت عند الجمهور قد اغتسلت غسلًا يجزئ، فالأفضل أن تخرج من الخلاف، فالخروج من الخلاف مستحب، وحينها ستكون باتفاق المختلفين قد اغتسلت غسلًا تؤجر عليه ويجزئ في أداء العبادة.
مسألة الاستصناع هي: أن تعطي رجلًا مالًا مقابل بناء البيت لك، فهو لا زال يبني الأساس وأنت تعطيه قيمة البناء الذي لم يتم بعد.
وقد علمنا أن السلم له شروط: منها أن يكون لأجل معلوم، يعني: أن يتفق المتعاقداه على أن تُستَلم الشقة مثلًا بعد سنة، أو بعد سنتين، بوصف معلوم وكيل معلوم، أو وزن معلوم، وأيضًا السلم أن يدفع كل المال مقدمًا، فمن اشترى هذه الشقة التي لم تقم بعد وقع في هذا الخلاف.
أما الأحناف فيرون أن الاستصناع يكون في الشيء الغائب الذي يستصنعه الإنسان، فيرون أنه عقد مستقل ويصح فيه أن تعطي القيمة مقدمًا أو أن تؤخر.
وأما عند الجمهور فلا يصح ذلك إلا بشروط السلم؛ لأنه سلم ناقص الشروط، فبيع الغائب والمعدوم لا يجوز؛ لأن النبي ﷺ قال: (لا تبع ما ليس عندك).
ولكن وردت الرخصة في السلم؛ السلم، قالوا: فإذا أجزنا الاستصناع فلا بد أن نعامله معاملة السلم بشروطه، فيدفع المال كله مقدمًا.
فيقال للحائر في هذا الخلاف: أرح نفسك من الخلاف، وإذا أرت هذه الشقة فادفع المال كله مقدمًا وخذ الضمانات الكفيلة التي تستطيع أن تأخذها عليه، وتكون بذلك قد خرجت من الخلاف؛ لأن الخروج من الخلاف مستحب، فإن فعلت ذلك لا يلومك الأحناف ولا الجمهور، لكنك لو أخذت بقول الأحناف قال الجمهور: العقد باطل.
14 / 14