جاء في بدائع الصنائع للكاساني (٧ / ٢٦٧٨)
من شروط الاستصناع أن لا يكون فيه أجل، فإن ضرب للاستصناع أجلا صار سلما حتى يعتبر فيه شرائط السلم، وهو قبض البدل في المجلس، ولا خيار لواحد منهما إذا سلم الصانع المصنوع على الوجه الذي شرط عليه في السلم. وهذا قول أبي حنيفة ﵀.
وقال أبو يوسف ومحمد هذا ليس بشرط، وهو استصناع على كل حال، ضرب فيه أجلا أو لم يضرب.
ولو ضرب للاستصناع فيما لا يجوز فيه الاستصناع - كالثياب ونحوها - أجلا، ينقلب سلما في قولهم جميعا.
وجه قولهما أن العادة جارية لضرب الأجل في الاستصناع، وإنما يقصد به تعجيل العمل، لا تأخير المطالبة، فلا يخرج به عن كونه استصناعا. أو يقال: قد يقصد بضرب الأجل تأخير المطالبة، وقد يقصد به تعجيل العمل، فلا يخرج العقد عن موضوعه مع الشك والاحتمال، بخلاف ما لا يحتمل الاستصناع لا يقصد بضرب الأجل فيه تعجيل العمل، فتعين أن يكون لتأخير المطالبة بالدين، وذلك بالسلم.
ولأبي حنيفة ﵀ أنه إذا ضرب فيه الأجل فقد أتى بمعنى السلم، إذ هو عقد على مبيع في الذمة مؤجلا، والعبرة في العقود لمعانيها لا لصيغ الألفاظ. ولأن التأجيل يختص بالديون، لأنه وضع لتأخير المطالبة، وتأخير المطالبة إنما يكون في عقد فيه المطالبة، وليس ذلك إلا السلم.
وجاء في الهداية (٧ / ١١٦)
لو ضرب الأجل فيما فيه تعامل يصير سلما عند أبي حنيفة خلافا لهما، ولو ضربه فيما لا تعامل فيه يصير سلما بالاتفاق.
وجاء في العناية (٧ / ١١٧)
إذا ضرب للاستصناع أجل فيما فيه تعامل فإنه يكون سلما عند أبي حنيفة ﵀، خلافا لهما. وأما إذا ضرب الأجل فيما ليس فيه تعامل فإنه يصير سلما بالاتفاق. والمراد بضرب الأجل ما يذكره على سبيل الاستمهال، أما المذكور على سبيل الاستعجال، بأن قال: على أن تفرغ منه غدا أو بعد غد لا يصيره سلما، لأن ذكره حينئذ للفراغ لا لتأخير المطالبة بالتسليم. . .
لهما في الخلافية أن اللفظ حقيقة في الاستصناع. وتقريره أن ذكر الاستصناع يقتضي أن لا يكون سلما، لأن اللفظ حقيقة فيه، وهو ممكن العمل، وذكر الأجل يقتضي أن يكون سلما، لكن ليس بمحكم فيه، بل يحتمل أن يكون للتعجيل، فقد اجتمع المحكم والمحتمل، فيحمل الثاني على الأول، بخلاف ما لا تعامل فيه فإنه استصناع فاسد فيحمل على السلم الصحيح.
وجاء في الاختيار لتعليل المختار (٢ / ٣٩)
إن ضرب (للاستصناع) أجلا صار سلما (أي عند أبي حنيفة ﵀ فيشترط له شرائط السلم، لأنه أتى بمعنى السلم فيكون سلما، لأن العبرة للمعاني لا للصور، ولأنه أمكن جعله سلما، فيجعل سلما لورود النص بجواز السلم دون الاستصناع. وقال أبو يوسف ومحمد لا يصير بضرب الأجل سلما، كما لا يصير السلم بحذف الأجل استصناعا، وحذف الأجل ليس من خواص الاستصناع.
وجاء في الدر المختار ورد المحتار (٤ / ٢١٤)
ولم يصح الاستصناع فيما لم يتعامل فيه، إلا بأجل، كما مر، أي بأجل مماثل كما مر في السلم من أن أقله شهر، فيكون سلما بشروطه. فإن لم يصح الأجل بأن كان أقل من شهر فسد إن ذكر الأجل على سبيل الاستمهال، فإن كان للاستعجال: كعلى أن تفرغ منه غدا كان صحيحا، والمراد بكونه للاستعجال بأن لم يقصد به التأجيل والاستمهال، بل قصد به الاستعجال بلا أمهال.
وجاء في مجلة الأحكام العدلية (م ٣٨٩)
كل شيء تعومل استصناعه يصح فيه الاستصناع على الإطلاق، وأما ما لم يتعامل باستصناعه إذا بين فيه المدة صار سلما، وتعتبر فيه حينئذ شروط السلم، وإذا لم يبين فيه المدة كان من قبيل الاستصناع أيضا.
1 / 288