154

فقه النوازل للأقليات المسلمة

فقه النوازل للأقليات المسلمة

Издатель

دار اليسر

Издание

الأولى

Год публикации

١٤٣٤ هـ - ٢٠١٣ م

Место издания

القاهرة - جمهورية مصر العربية

Жанры

وَنَذِيرًا﴾ [الإسراء: ١٠٥].
والشريعة تربط الناس بالله؛ وذلك أن "المقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج المكلف عن داعية هواه، حتى يكون عبدًا لله اختيارًا كما هو عبد لله اضطرارًا" (١).
قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦ - ٥٧]، والرسول ﷺ وسائر المؤمنين منقادون لها مذعنون لأوامرها، قال تعالى: ﴿إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾ [يونس: ١٥].
"فالشريعة هي الحاكمة على الإطلاق والعموم عليه -أي: على الرسول ﷺ وعلى جميع المكلَّفين، وهي الطريق الموصل والهادي الأعظم، ألا ترى قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا﴾ [الشورى: ٥٢]، فهو ﵊ أول من هداه الله بالكتاب والإيمان، ثم من اتبعه فيه" (٢).
"فالحكم لله وحده، ورسله يبلغون عنه، فحكمهم حكمه، وأمرهم أمره، وطاعتهم طاعته" (٣).
قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [النساء: ٦٤].
وأخيرًا فلا يملك أحد كائنًا من كان أن ينازع الله في سلطانه أو أن يشرِّع لعباده، كما لا يستطيع أحد أن يخلق ذبابًا ولو ظَاهَرَه على ذلك كلُّ إنس وجان.
وصفة الربانية في الشريعة الإلهية تعرى عنها كل الشرائع الوضعية والقوانين البشرية، والتي تصدر عن قوة زمنية، وتبنى أحكامها على مراعاة الدنيا والظواهر فحسب، لا مجال فيها للجزاء الأخروي، ولا للتعبد الديني.

(١) الموافقات، للشاطبي، (٢/ ١٦٨).
(٢) الاعتصام، للشاطبي، (٢/ ٣٣٨ - ٣٣٩).
(٣) مجموع الفتاوي، لابن تيمية، (٣٥/ ٣٦٣).

1 / 160