في الأمور العامة، بل كان يشاور الصحابة ويراجع، فتارة يقول قولًا فترده
عليه امرأة فيرجع إليها وذكر القصة. ثم قال وكان في مسائل النزاع مثل
مسائل الفرائض والطلاق يرى رأيًا ويرى علي بن أبي طاب رأيًا ويرى
عبد الله بن مسعود رأيًا ويرى زيد بن ثابت رأيًا، فلم يلزم أحدًا أن يأخذ
بقوله، بل كان منهم يفتي بقوله وعمر ﵁ أمام الأمة كلها
وأعلمهم وأدينهم وأفضلهم، فكيف يكون واحد من الحكام خيرًا من عمر) .
انتهى.
وقال ابن القيم في الإعلام (١) في معرض رده على المقلدة، وأيضًا فإنا
نعلم أنه لم يكن في عصر الصحابة رجل واحد اتخذ رجلًا منهم يقلده في
جميع أقواله فلم يسقط منها شيئًا وأسقط أقوال غيره، فلم يأخذ منها شيئًا،
ونعلم بالضرورة أن هذا لم يكن في عصر التابعين ولا تابعي التابعين
إلخ ... وقال أيضًا (٢) .
وأما هدي الصحابة فمن المعلوم بالضرورة أنه لم يكن منهم شخص
واحد يقلد رجلًا واحدًا في جميع أقواله ويخالف من عداه من الصحابة
بحيث لا يرد من أقواله شيئًا ولا يقبل من أقوالهم شيئًا وهذا من أعظم البدع
إلخ ... .
وقال أيضا (٣): (ومن المعلوم بالضرورة أن الصحابة لم يكونوا يعرضون
ما يسمعون من رسول الله ﷺ على أقوال علمائهم، بل لم يكن لعلمائهم
_________
(١) إعلام الموقعين ٢ / ١٨٩.
(٢) إعلام الموقعين ٢ / ٢٠٩.
(٣) إعلام الموقعين ٢ / ٢١١.