منهم: ابن المقفع.. قال: (مشهورين بالزندقة والتهاون بأمر الدين) .
انتهى.
ثم قال الحافظ: (قلت وليس لهؤلاء رواية فيما أعلم) .
وفكرته هذه هي في كلامه الذي وجهه إلى أمير المؤمنين المدوَّنِ في
رسالته المعروفة باسم: " رسالة الصحابة " (١) .
وهذه الرسالة بطولها في كتاب: " جمهرة رسائل العرب " (٢) نقلًا منه لها
عن كتاب " المنظوم والمنثور " لابن طيفور.
وفيها ابتداءً من ص / ٣٦ قول ابن المقفع: (ومما ينظر أمير المؤمنين
من أمر هذين المصرين وغيرهما من الأمصار، والنواحي: اختلاف هذه
الأحكام المتناقضة التي قد بلغ اختلافها أمرًا عظيمًا في الدماء والفروج
والأموال؛ فيستحل الدم والفرج بالحيرة، وهما يحرمان بالكوفة.. إلى أن
قال: فلو رأى أمير المؤمنين أن يأمر بهذه الأقضية والسنن المختلفة فترفع
إليه في كتاب، ويرفع معها ما يحتج به كل قوم من سنة أو قياس ثم نظر
أمير المؤمنين في ذلك، وأمضى في كل قضية أمره الذي يلهمه الله ويعزم
عليه، ويَنْهى عن القضاء بخلافه، وكتب بذلك كتابًا جامعًا عزمًا؛ لرجونا
أن يجعل الله هذه الأحكام المختلفة الصوابَ بالخطأ: حكمًا واحدًا
وصوابًا. ورجونا أن يكون اجتماع السير قربة لإجماع الأمر برأي أمير
_________
(١) المقصود بالصحابة هنا: صحابة الولاة والخلفاء لا صحابة الرسول ﷺ كما هو
شائع، واستعمال الكلمة بهذا المعنى معروف إذ ذاك نسبة إلى المتصلين بهؤلاء
(انظر كتاب: عبد الله بن المقفع لجورج غريب ص: ٥٨) .
(٢) جمهرة رسائل العرب ٣ / ٢٥ مؤلفه: محمد زكي صفوت.