فسعد عظيم وهو ابن عشرين، وفوق العظيم وهو ابن سبعين. وقد قال أديب من صفوة أدباء مصر:
عظماء الرجال أمثال الجبال، لا تنتقص الكهوف ما لها من العظمة والجلال.
حافظ إبراهيم
عبد الخالق ثروت باشا
لطيف الحجم، دقيق الجسم، لولا بدونة دخلت عليه في السنين الأخيرة، طلق الوجه، عذب الروح، فكه الحديث. ولو أنه قدر لك أن تصحبه عشرين عاما دون أن يقيض لك اسمه، ما عرفت قط أنك في صحبة هذا الذي لا يبلغه العجب.
ويترك في الدنيا دويا كأنما
تداول سمع المرء أنمله العشر
فلقد تحضر مجلسه ، فيقبل عليك يحدثك فلا يرتفع بك إلى نفسه، وإنما يتدلى بكل حديثه إلى نفسك، فتراه يدارجك في قولك، ويكلمك من جنس كلامك، ويباريك على قدر فهمك حتى تنصرف عنه وقد هيأ لك وهمك أنه مثلك، هذا إذا لطف الله بعقلك فلم يهيئ لك أنه دونك!
وإنه إذ يتحدث إليك لتختلج معارف وجهه حتى ليتمثل لك في شخص تلميذ في السنة الرابعة الابتدائية! وإن حدقتيه لتضطربان في حركة أفقية، على أنك لو تفطنت لأدركت أنها ليست حركة الحائر المتردد، بل إنها لحركة المتعرف المتقري الذي يريد أن يستل منك ذات نفسك. وإنه ليجسها من جميع أقطارها؛ ليبلوها أيها أهون عليه.
ولقد يخيل إليك لطف ثروت، وتبسطه في حديثه معك، أنك مستطيع أن تدسه في جيبك، إذ هو قد دسك من أول المجلس تحت نابه! فاحذره أطلق ما يكون وجها، وأنعم حديثا.
Неизвестная страница