ولما سمعت الساعة تدق العاشرة تذكرت أنها واعدت السير دراك على المجيء في ذلك الوقت لتسلمه شيئا، هو رسالة كتبتها في الليل، وقد تأخر إلى الساعة العاشرة والربع، ثم أتى فاعتذر بقوله إنه كان ينتظر ورود رسائل برقية ذات شأن . قالت: ما هذه الرسائل البرقية؟ أجاب: إنها لا تهمك، وسوف أعود إلى فندق اللوفر بعد أن أتلقى المهمة التي لديك، فلا أخرج منه إلا في ساعة الحفلة ... فماذا تريدين؟ هل أعجبك اقتراحي؟ وذكرت مهارتي في استخدام السلاح؟
فتبسمت وأجابت: كلا، فلست أريد أن يموت أحد بسببي، ولكنك تدري أن والدتي لا تشهد حفلة العرس، ولست تجهل أنني في حاجة إلى الصبر والبسالة، وأن حضورها يحملني على الضعف وخوار العزيمة، فرأيت أن أكتب إليها رسالة تسلم إليها اليوم بعد خروجنا من الكنيسة، فهل تتكرم علي بإيصالها؟
أجاب: بلا شك، وها أنا ذا أفعل قبل رجوعي إلى الفندق فهاتي الرسالة.
فقالت بحدة: كلا، لا تسلمها إياها الآن، ولكن في النهار بعد انقضاء الحفلة بساعة، فهل أعتمد عليك في ذلك؟
أجاب: نعم، وأنت تعلمين أنني أفعل ما تريدين. قالت: هل تعدني وعد الرجل الشريف؟ أجاب: نعم. قالت: أتقسم لي بشرفك على أن لا تسلم هذه الرسالة إلى والدتي إلا بعد انقضاء حفلة زفافي بساعة؟ أجاب: كيف لا أقسم؟ وحلف لها كما أرادت. فقالت له: إني أشكرك يا صديقي وأثق بك.
ومدت يدها إليه فصافحها، ثم قالت: إني ذاهبة لملاحظة ملابسي؛ إذ ينبغي أن أتزين بأجمل ما عندي شأن كل عروس في حفلة زفافها.
وانطلقت مسرعة، فما كادت تحتجب عن بصر السير إيليا دراك حتى انثنى إلى الهندي ملطار وقال له: سر مستعجلا فاحمل هذه الرسالة إلى أم بوليت، وإياك والإمهال. قال: ولكنك وعدت سيدتي الصغيرة بأن لا تسلمها إلا بعد الحفلة ...
فلم يدعه يتم كلامه بل قال: سر وأسرع، ولولا اضطراري إلى الرجوع إلى الفندق لأوصلت الرسالة بنفسي، واعلم أن بوليت في رسالتها هذه تودع والدتها التوديع الأخير. أفلا تريد أن تبلغ السيدة لورانس عزم ابنتها على الانتحار قبل فوات الوقت؟
فلم يكد يسمع الخادم الأمين هذه الكلمات حتى مر بالرسالة مرور السهم. أما السير دراك فقصد توا إلى الفندق.
فلندعهما سائرين، كل في سبيله، ولندخل منزل الكونت دي موري؛ فإن الكونتة الجديدة استصحبت أخاها وهي تروم أن تقبل بوليت قبل سائر الناس! فأجابت بوليت أنها في حاجة إلى بضع دقائق لإتمام زينتها وأنها ستلحق بالكونتة إلى البهو بعد ذلك. فكان أنيبال وأخته ينتظران، حين انفتح الباب، وسمعا صوت الكونتة دي موري الأولى مرتفعا وهي تصرخ قائلة: لا بد لي من الدخول.
Неизвестная страница