قال الطبيب: «اصطحب نك إلى خارج الكوخ، يا جورج.»
لم يكن ثمة حاجة إلى ذلك؛ إذ كان نك الواقف على باب المطبخ يرى السرير العلوي بوضوح حين أمال أبوه رأس الهندي إلى الخلف والمصباح في يده.
كان الفجر قد بدأ يطلع للتو حين ساروا على طريق الاحتطاب باتجاه العودة إلى البحيرة.
تحدث والد نك إليه وقد زالت عنه النشوة التي كان يشعر بها بعد العملية الجراحية؛ فقال: «إنني في غاية الأسف لأنني أحضرتك يا نيكي. لقد كانت تجربة مريعة تلك التي مررت بها.»
سأل نك: «هل تعاني النساء دوما بهذا القدر في ولادة أطفالهن؟» «كلا، لقد كان ذلك استثنائيا للغاية.» «لماذا قتل نفسه يا أبي؟» «لا أدري يا نك. أعتقد أنه لم يستطع أن يتحمل الأمور.» «هل يقتل الكثير من الرجال أنفسهم يا أبي؟» «ليس الكثير من الرجال يا نك.» «هل يفعلها الكثير من النساء؟» «نادرا.» «ألا يفعلنها أبدا؟» «أوه، بلى، يفعلنها في بعض الأحيان.» «أبي؟» «أجل.» «أين ذهب العم جورج؟» «سيعود قريبا.» «هل الموت صعب يا أبي؟» «كلا، أعتقد أنه سهل للغاية يا نك. إن الأمر كله يتوقف على الظروف.»
كانا يجلسان في الزورق، نك في المؤخرة، ووالده يجدف. كانت الشمس تشرق فوق التلال. قفزت سمكة قاروص فصنعت دائرة في المياه. مرر نك يده في المياه فوجدها دافئة رغم برودة الصباح الشديدة.
في الصباح الباكر وهو جالس في مؤخرة الزورق مع والده الذي يجدف به في البحيرة، كان متأكدا من أنه لن يموت أبدا.
الفصل الثاني
كانت المآذن تبرز شامخة في المطر عبر البيوت الطينية بمدينة آدريانوبل. واصطفت العربات على مسافة ثلاثين ميلا على طريق كاراجاتش. كانت الماشية وجاموس المياه تجر العربات في الطين. ما من بداية ولا نهاية لصف العربات؛ فقط عربات محملة بكل ما كانوا يملكونه. كان العجائز رجالا ونساء يسيرون وهم مبتلون تماما كي يحثوا الماشية على الاستمرار في الحركة. كان يتدفق نهر ماريتسا أصفر اللون وكاد يبلغ الجسر. اكتظ الجسر عن آخره بالعربات التي راحت الجمال تشق طريقها فيما بينها. سار الخيالة اليونانيون بين الركب يحافظون على نظامه وسيره. جثمت النساء والأطفال في العربات مع المفارش والمرايا وآلات الخياطة والحزم. كانت هناك امرأة تلد طفلا وفتاة صغيرة تمسك بغطاء تضعه عليها وتبكي. كان النظر إلى هذا المشهد مخيفا للغاية. وقد ظل المطر يهطل طوال عملية الإجلاء.
الطبيب وزوجته
Неизвестная страница