وكان عبده حين سمع ذلك قد ذعر وفتح فمه كالأبله.. وكانت السيدة تنظر إليه وتسمع حديث الكمسارى ثم تنظر إلى عبده، وترى آيات الفزع فى وجهه. وخرج الكمسارى إلى حيث الركاب الآخرون وأحس عبده أن عليه أن يقول شيئا، ولو على سبيل التفكهة والتسلية وليخفف عن هذه السيدة التى لا شك أنها ريعت من حديث الكمسارى، ولا سيما أنه - أى عبده - الوحيد الذى يعرف أين اختبأ المجنون - وهذا العلم وحده يغرى بالكلام. ولكن لسانه خانه على عادته فقال - على حين لم تكن تنتظر كلاما: «أأأأأنا ششفففته».
وأمسك، فما فى مثل هذا فائدة، وتذكر أن الطبيب قال له: «غن».
فرفع صوته يقول مغنيا: «المجنون يا ستى الذى سمعت عنه مختبىء فى الكشك هناك».
ولم تتح له فرصة لإتمام ما بدا.. فقد وقفت السيدة وانطلقت تصرخ بأعلى صوتها وتصيح: «أدركونى.. أدركونى.. الحقوا..».
وكان الترام قد بلغ محطة وقف عندها، فلم يسع عبده الا أن ينزل مسرعا ... فما بقى له مقام فى هذا الترام وإلا قبضوا عليه على أنه المجنون الهارب، وانطلق يعدو.
وأخيرا بلغ البيت وقابل - أول من قابل - بنت خاله، فأدهشه وأدهشها أن الحبسة زالت عنه.
Неизвестная страница