وهذا في ظني أمر في غاية الوضوح ولولا هذه الخصومات المذهبية عبر التاريخ لعرفه أكثر طلبة العلم، لأن هذا مطبق في الفقه بكثرة، فكم من عام مخصص، وكم من مطلق مقيد، وكم من مجمل مبين... لكن الخصومات العقدية المتجددة والتحزبات غير المعلنة وتذاكر المسائل في الجلسات العابرة دون بحث والأنفة من الرجوع إلى الحق مع الكبر وحب العلو والمشيخة، كان السائد في الخصومات العقدية؛ مع ضعف العقائديين في الأصول واللغة؛ فأدى هذا للتخاصم المنهي عنه وأضاع خيرا كثيرا.
أقصد من هذه المقدمة أنني حتى لو وافقت الشيخ السعد واعتبرت الآيات النازلة في المهاجرين والأنصار شاملة للطلقاء والأعراب والمرتدين فهي لن تحمي المرتد ولا من رجحت سيئاته على حسناته، وليس الوعد بالحسنى إلا لمن تحققت فيه شروط الصلاح، وانتفت عنه الردة والنفاق وغلبة الظلم والفساد. وإذا كانت الآية شاملة للطلقاء فهي شاملة للأعراب أيضا فقد أسلم كثير منهم قبل الطلقاء، وهي شاملة لكل من رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع والآلاف من هؤلاء ارتدوا أو منعوا الزكاة كما هو معلوم.
فإن أخرجتم المنافقين والمرتدين من شمولية الآيات والوعد بالحسنى بأدلة خاصة استطاع غيركم أن يخرج غيرهم كبعض الطلقاء بأدلة مماثلة والاحتجاجات نفسها.
وإن تكلفتم إدخال المرتدين والمنافقين في الوعد بالحسنى كان خلافكم مع غيرنا ومع التاريخ ومع أصول فهم الخطاب.
ونحن نسألكم: هل أخرجتم المرتدين من الصحابة من الوعد بالحسنى أم لا؟
ستقولون: نعم نحن أخرجناهم.
نقول لكم: ولماذا أخرجتموهم وقد أثنى الله عليهم مع علمه أنهم سيرتدون؟
فإن قلتم: لم يثن إلا على من ثبت إسلامه وصلحت سيرته.
نقول: وهذا قولنا الأول الذي نازعتمونا فيه ورميتمونا بكل طامة بسببه
Страница 25