ولنتحدث عن الرياء الأكثر سماجة؛ فسائق سيارة الأجرة المصري الذي أغوى السيدة جونسون ما كان ليمزح قطعا عند الحديث عن «ذبح» أي رجل يكاد يلمح برغبته في إقامة علاقة مع زوجته المصرية. •••
وإذا كانت المسافرات الأجنبيات العزباوات يقضين وقتا عصيبا في الأقصر، فهذا لا يقارن بما يعانيه الأجانب الذين يسافرون بمفردهم إليها.
اكتشفت أعداد كبيرة من السياح الغربيين المثليين أن المواقع الإلكترونية المخصصة للحديث عن المثلية تصنف الأقصر على أنها مرتع للمثليين. وتركز هذه المواقع على تقديم أحدث المعلومات التي تهم المثليين الأجانب الذين يبحثون عن علاقات جنسية مدفوعة الأجر مع أبناء المدينة، فيما يبدو أنه تشجيع للمفهوم الغربي الدخيل عن «حقوق المثليين» في دولة تضم نخبة ضئيلة من «المثليين» المتحضرين الذين يرتدون عباءة الغرب الذين يستطيعون أو يرغبون في الحديث عن تلك الحقوق.
حرصت الأجنبيات العجائز اللاتي علقن في المواقع الإلكترونية التي تتحدث عن مدينة الأقصر والتي أعادت طبع مقال صحيفة الشرق الأوسط - حسبما اكتشفت مؤخرا من تصفح تلك التعليقات - على الإشارة إلى أنهن لسن الوحيدات اللاتي يلقى باللوم عليهن في مسألة انتشار البغاء بين الرجال في المدينة. وتساءلن لماذا لا يسلط الضوء أيضا على المثليين الغربيين الذين يتدفقون إلى الأقصر؟ الجواب بالطبع هو أنه لما كان الموضوع من المحظورات في المنتديات العامة الناطقة باللغة العربية فإن الصحفي الذي كتب المقال في الشرق الأوسط لم يجد بدا من تلافي الحديث عنه. ويا للأسف، عندما يطرح هذا الموضوع ذو الصلة للنقاش تتجاوز العديد من الأجنبيات حدود النقاش العقلاني وتستخدمن لغة مقززة يصببن من خلالها جام غضبهن دون تحفظ على من يشيرون إليهم بأنهم مثليين أجانب «متعددي العلاقات» يمارسون الجنس مع شباب المدينة أثناء عطلاتهم القصيرة و«يفسدون» الشباب و«يدمرون التقاليد المتعارف عليها في المدينة» على نحو لا يتهمن هن بفعله مطلقا. وبالتأكيد وجدت هيستيريا ممارسة الجنس مع الأطفال التي تدفع الطبقات العاملة في بريطانيا نحو الجنون مكانا لها على ساحة النقاش. بل إن بعض المشاركات اقترحن ضرورة البدء في تعيين حراسة على الشقق المعروف أن لدى مستأجريها ميولا جنسية نحو صغار السن، على الرغم من عدم تقديم أي دليل يثبت صحة ذلك. فكرت أن هذه المبالغة في رد الفعل هي نموذج متوقع من فئة مجتمعية مهمشة لديها مشاعر غضب شديد من الاتجاه العام السائد، ومن ثم تبعد الاهتمام عن نفسها عن طريق محاولة تجسيد مجموعة أخرى أقل عددا بل وأسوأ وضعا على أنهم شياطين.
وعلى أي حال، الحقيقة هي أن العلاقات الجنسية بين الشباب - على عكس العلاقات بين الشباب والعجائز - تمثل جزءا من النسيج المجتمعي في الأقصر، وهذا وضع قائم منذ قديم الأزل. التقاليد والأعراف القبلية هي التي تحظى بالأولوية في صعيد مصر: فحتى نموذج الإسلام الصوفي المتبع في المنطقة يأتي في مرتبة أدنى من تأثير القبلية. ويمكنك عد مؤيدي جماعة الإخوان المسلمين في الأقصر على أصابع اليد الواحدة. لم يراود القائمين على صحيفة الشرق الأوسط الممولة من السعودية - التي تروج الفكر الوهابي الذي يرعاه آل سعود - أنهم ملزمون بالإشارة ولو من بعيد إلى أن السياحة الجنسية من شأنها أن «تقوض الإسلام» في المنطقة.
تحتم التقاليد القبلية ضرورة صيانة شرف المرأة مهما كلف الأمر، وفي ظل غياب الفرص الأخرى لممارسة الجنس قبل الزواج، ينظر إلى الشذوذ على أنه بديل مقبول. لكن أهم ما في الأمر ألا يكون موضع نقاش أو يؤدى على نحو يلفت الانتباه، ومن ثم يؤدي إلى القيل والقال، وأن يحرص الفتى على ألا يشتهر باستمتاعه بممارسة الدور السلبي في العلاقة؛ لأنه إن فعل ذلك ، فسيعتبر داعرا، وسيفقد كرامته، ويعاني مما سيترتب على ذلك من تفكير أصدقائه في أن لهم الحق في مضاجعته وقتما شاءوا. وليس معنى هذا - عند الحديث عن تداعيات تدفق المثليين الأجانب - أن ظاهرة بغاء المثليين ليست لغز «الدجاجة والبيضة». أثناء تصفحي لتعليقات الأجنبيات العجائز التي غلبت عليها فوبيا الشذوذ الجنسي، تذكرت حوارا طريفا سمعته مصادفة بين يمني وأمريكي في السعودية. وصف الأمريكي اليمنيين القبليين متهكما أنهم مشتهرون بلواط الأطفال.
قال اليمني مازحا: «نعم، تعلمنا ذلك من الإنجليز.»
رد عليه الأمريكي بسرعة: «كلا، لقد قرر الإنجليز البقاء في اليمن واستعمارها فقط بعدما اكتشفوا انتشار تلك الظاهرة لديكم!» •••
ذات يوم في السوق حيث المكان الذي اعتدت التجول فيه عندما أكون في الأقصر، أطل فتى طويل القامة وسيم الخلقة عمره نحو ستة عشر عاما يرتدي ملابس جديدة ويستعرض بتباه قصة شعره الجديدة، ويستمع إلى أغاني مطربه المفضل على مشغل الموسيقى الجديد (في الوقت الذي لا يتحدث فيه مع أحد أصدقائه عبر هاتف نوكيا الأحدث طرازا). بعد أن قضى الفتى بعض الوقت في التأنق أمام مرآة نافذة أحد المحلات، جلس في المقهى على طاولة قريبة مني، ودعا رفاقه لتناول مشروب بارد، ثم استعدوا للعب الطاولة.
مازحه أحدهم بعد مرور بضع دقائق: «من يكون يا ترى؟»
Неизвестная страница