ولو أن مجهود البشر قد تحول كله إلى ناحية الإنتاج والمعاش، إذن لبقي الناس في سلام.
لو أن عقول البشر قد اتسعت للحرية الصحيحة، الحرية التي تحترم استقلال كل فرد وكل جماعة، وتعترف بحقها في الحياة وفي اختيار حكومتها وشكل معيشتها كما تريد، إذن لعم الرخاء وزال الشر، وضرب الإنسان في مدارج التقدم الحقيقي.
حقائق بينة بذاتها، ولكن كيف السبيل إلى تطبيقها ومستقبل البشر في يد حفنة من الذين نسوا هذه الحقائق، وأخذهم غرور الدنيا.
ألا يحق لنا بعد هذا أن نتساءل: ما هذا الحزن الغامر الذي يخيم على دنيانا؟
حديث ذو شجون
تحدث الأسقف «وليم رالف إنج»، وهو كاتب شهير من كتاب الإنجليز، إلى مكاتب صحفي، عن حصيلة اتجاهه الفكري عندما بلغ الثالثة بعد التسعين، فقال:
إذا قدر لي أن أعيش عمرا آخر، فلا أظن أني سأنتمي إلى الإكليروس، فإني لم أسعد يوما بالكنيسة الإنجليزية. وربما يقال إني عندما تقدمت بي السن حسنت نصرانيا، وسئت كنيسيا.
لم أحبب السلالة البشرية، وإنما أحببت بضعة أفراد منها، أما البقية فمجموعة من الأوشاب والأخلاط.
جاهدت في جميع أطوار حياتي حتى أقع على الغرض من الحياة، كما عملت على حل ثلاث مشكلات ظلت جوهرية في نظري: مشكلة الأبدية، ومشكلة الشخصية الإنسانية، ومشكلة الشر. غير أني أخفقت، فلم أحل مشكلة منها. ولست الآن بإزائها أكثر علما بها، مني عندما بدأت التفكير فيها. وأعتقد أنه يستعصي على أي إنسان حلها.
عملت أخيرا ما أستطيع، وآمل ألا أكون قد بددت حياتي، ومع هذا فإني لا أستطيع أن أقول إن الدنيا، بوجودي فيها، قد أصبحت أفضل مما كانت. لا أفضل ولا أسوأ. إنها كما كانت وكما ستكون، ولكن لا تنعتني كالعادة بالأسقف الحزين، فإني لم أستحق أبدا هذا النعت.
Неизвестная страница