О литературе египетских фатимидов

Мухаммад Камиль Хусейн d. 1380 AH
94

О литературе египетских фатимидов

في أدب مصر الفاطمية

Жанры

السيف أصدق إنباء من الكتب

في حده الحد بين الجد واللعب

ويقول أستاذنا المرحوم كارلو ناللينو: إن التنجيم كان له شأن في قصور الخلفاء والسلاطين وبين العامة، وظل كذلك إلى القرن الماضي، فكان في دخول الحضارة الغربية عامة ومذهب كوبر نيقوس خاصة القضاء المبرم على التنجيم، بيد أنه لا يزال موجودا في البلاد التي لم تصب من الحضارة الغربية إلا قليلا.

15

فالفاطميون شاركوا غيرهم من المسلمين في التنجيم والفلك، وقد يكون من أهم الأسباب التي أدت إلى اهتمامهم بالفلك مسألة ابتداء شهر رمضان، فقد ذكرنا أن الفاطميين جعلوا شهر رمضان ثلاثين يوما دائما، ولم يبدءوا صومهم برؤية الهلال رؤية بصر بل رؤية استبصار، فرصدوا حركات الأجرام السماوية ليعرفوا مبدأ الشهر على حساب أن السنة القمرية ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما، وخمس يوم وسدس يوم، وأن ستة أشهر من السنة تامة وستة أشهر ناقصة، وأن كل ناقص منها يتلوه تام، ولشدة الدقة في هذا التقويم اضطروا إلى استخدام عدد كبير من علماء الفلك والتنجيم والحساب والمهندسين وغيرهم من الفلاسفة الذين أقاموا المراصد والزيجات.

ابن الهيثم

ولعل أشهر عالم رياضي شهدته مصر الفاطمية هو الفيلسوف أبو علي محمد بن الهيثم، وقيل إنه أبو علي الحسن بن الحسن بن الهيثم، اتفق المؤرخون على أنه بصري المولد والنشأة، وإن كانوا لم يذكروا شيئا عن حياته في شبابه، فإن هذه الفترة من عمره غامضة أشد الغموض، والذي ذكره المؤرخون أنه رحل إلى الشام، وعاش في كنف أمير من أمرائها، وأن الأمير أغدق عليه نعمه وعطاياه، ولكن ابن الهيثم كان يقول للأمير: «يكفيني قوت يومي، وتكفيني جارية وخادم، فما زاد على قوت يومي إن أمسكته كنت خازنك، وأن أنفقته كنت قهرمانك ووكيلك، وإذا اشتغلت بهذين الأمرين فمن الذي يشتغل بأمري وعلمي؟ فما قبل بعد ذلك إلا نفقة احتاج إليها ولباسا متوسطا.»

16

فإن صحت هذه الرواية فهي تدلنا على ما كان عليه ابن الهيثم من انصراف إلى العلم ورغبة عن المال، خوفا من أن يشغله المال عن العلم، وكان حريصا على أن يتمسك بما يجب أن يكون عليه العالم الفاضل من خلق وترفع عن طلب الماديات، وأين هم العلماء الآن الذين لا يسعون وراء المال وإن كان ذلك بطرح العلم؟ وأين العلماء الآن الذين يرفضون من متاع الدنيا ما يفيض عن حاجتهم الضرورية، فإن علماء عصرنا - مع شديد الأسف - يتكالبون على جمع المال بشتى الطرق والوسائل، والحقد يملأ قلب أحدهم إذا أثرى له زميل، أو ارتفع قدره، ولعلنا نشاهد الآن ما عليه بعض من نطلق عليه لقب عالم يترك العلم والبحث للجري وراء اقتناء الدور والأراضي ويكنز الأموال، وهو في غنى عن ذلك كله إن كان عالما حقا قانعا قناعة ابن الهيثم وما تحلى به من خلق.

ويروي البيهقي قصة نذكرها الآن، لعلها تجد عند سادتنا علماء عصرنا رادعا لهم عما هم عليه، فهي تدل على أن ابن الهيثم لم يأبه للمادة، ولم يطلب سوى العلم للعلم. تقول القصة: إن أميرا جاء يطلب العلم عليه، فقال له ابن الهيثم: أطلب منك للتعليم أجرة، وهي مائة دينار في كل شهر؛ فبذل ذلك الأمير ما طلبه ابن الهيثم، وما قصر فيه، وأقام عند ابن الهيثم ثلاث سنوات يأخذ عن أستاذه العلم، فلما عزم الأمير على الانصراف إلى دياره، قال له ابن الهيثم: خذ أموالك بأسرها فلا حاجة لي إليها، وأنت أحوج إليها مني عند عودتك إلى مقر ملكك، ومسقط رأسك، وإني قد جربتك بهذه الأجرة، فلما علمت أنه لا خطر ولا موقع للمال عندك في طلب العلم، بذلت مجهودي في تعليمك وإرشادك. واعلم أن لا أجرة ولا رشوة ولا هدية في إقامة الخير. ثم ودعه وانصرف.

Неизвестная страница